كريم النفس نزيها ، حسن الكلام والمنطق اذا تكلم ، كثير السكوت الا فيما يعنيه ، وكان لكثرة سكوته لا يكاد يعرف فضله من رآه ، فاذا تكلم في الفقه أو في غيره كان كلامه أحسن الكلام وأكثر المتكلمين صوابا.
ولي القضاء بحران ، ثم تولى التدريس بمصر في مدرسة الامام الشافعي ، وتولى مشيخة الشيوخ بالديار المصرية ودمشق في دولة الملك العادل أبي بكر بن أيوب وبعده في دولة ابنه الملك الكامل ، وكان عظيم (٥٤ ـ ظ) الحرمة والمكانة عندهما ، وكان والد الملك الكامل صاحب مصر من الرضاع ، وسيره الملك العادل وابنه الملك الملك العادل (١) في رسائل متعددة الى حلب وبغداد وغيرها من البلاد ، واجتمعت به بالياروقيه ظاهر مدينة حلب ، وقد وردها رسولا من الملك الكامل محمد الى أخيه الملك الاشرف موسى وهو اذ ذاك مقيم بالياروقية بحلب ، وسمعت منه الاربعين حديثا لابي الفتوح الطائي بروايته سماعا منه ، وأحاديث من أول مسند الشافعي بسماعه للمسند من أبي زرعة ، وأخبرنا أن مولده سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة في شوال.
وحدث شيخنا شيخ الشيوخ عن هذين المذكورين ، وعن أبي الفرج الثقفي ، وأبي منصور شهردار بن شيرويه الديلمي.
أخبرنا الشيخ الفقيه الامام أبو الحسن بن عمر بن حمويه شيخ الشيوخ بالياروقية ظاهر مدينة حلب ، قال : أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي (٢). (٥٥ ـ و).
سمعت جمال الدين أحمد بن عثمان بن الصلاح الحراني الصوفي قال : كان الشيخ صدر الدين بن حمويه لا يترك أحدا يباشر خدمته ، واذا دخل الحمام غسل نفسه وحك رجله بيده ، ولا يمكن أحدا غيره من مباشرة ذلك ، فدخلت يوما الحمام معه فأخذت حجر الرجل وجئت اليه ، فقال : ما تريد؟ فقلت له مازحا : أحك رجلك لتعود من بركتي عليك فمدّ (٥٥ ـ ظ) رجله فحككتها.
__________________
(١) كتب ابن العديم في الهامش : صوابه «الكامل».
(٢) كذا بالاصل ولم يكمل ابن العديم الرواية.