وتركته وذهبت إلى أبي الطيّب اللغوي ، وهو جالس وقد وردت عليه تلك المسائل بعينها ، وبيده قلم الحمرة ، فأجاب به ولم يغيره ، قدرة على الجواب (١).
قلت كان هذا بحلب ، لأن أبا الطيب ورد حلب إلى سيف الدولة ، وجمع بينه وبين ابن خالويه وأقام بها الى أن مات ، وقد ذكرنا ذلك في ترجمته.
أبو علي بن أبي حامد :
كان بحلب في أيام سيف الدولة ، والمتنبي إذ ذاك بها ، وحكى شيئا من أحواله. روى عن أبيه أبي حامد صاحب بيت المال ، روى عنه المحسن بن علي التنوخي ، وقد ذكرنا في ترجمة المتنبي عنه ما حكاه عنه.
أبو علي بن عمار :
القاضي ، فخر الملك صاحب طرابلس الشام ، كان بها مستوليا على أمرها إلى أن قصده الفرنج ، فسار من طرابلس إلى بغداد ، واجتاز في طريقه بحلب ، أو عملها ، وورد بغداد مستنفرا على الفرنج (٢) ، فأنفد السلطان محمد شبّارة (٣) ليركب فيها ، وأمر جميع الأمراء ، وأرباب دولته بتلقيه واكرامه وكذلك أرباب دولة الامام المستظهر بالله ، فلما نزل الشبارة قعد بين يدي الدست احتراما لمكان السلطان ، فلما حضر عنده أكرمه واعتمد معه مالم يعتمد مع الملوك الذين معه (١٤٠ ـ و) مثله ، ثم ذكر له ما ورد لأجله ، ووصف له قوة عدوه ، وطلب أن ينجده عليهم ، ثم حضر الى دار الخليفة فذكر مثل ذلك ثم حمل الهدايا الى المستظهر وإلى السلطان ، وكان فيها أشياء نفيسة ، فوعده السلطان بالنجدة ، وسير معه عساكر ، وخلع عليه.
ثم ان الفرنج استولوا على طرابلس في ذي الحجة من سنة ثلاثين وخمسمائة (٤) ونهبوها وسبوا النساء والاطفال ، وغنموا الاموال ، ثم ساروا الى جبيل وبها فخر
__________________
(١) رسالة ابن القارح في رسائل البلغاء : ٢٧٦.
(٢) رجال الحملة الصليبية الاولى.
(٣) من انواع القوارب.
(٤) كذا بالاصل وهو تصحيف صوابه سنة اثنتين وخمسمائة. انظر تاريخ دمشق لابن القلانسي بتحقيقي : ٢٦٠ ـ ٢٦٤.