تطلب من هرب منهم في الغابة ، فوجدوني أسود معه سيف وترس وحربة ، فلما قدّمت الى الأمير ، وكان رجلا تركيا ، قال لي : إيش أنت؟ قلت : عبد من عبيد الله ، فقال للسودان : أتعرفونه؟ قالوا : لا ، قال : بلى هو رئيسكم ، وإنما تفدونه بنفوسكم لأقطعن أيديكم وأرجلكم (٨١ ـ ظ) ، قدموهم ، فلم يزل يقدم رجلا رجلا ، ويقطع رجله ويده ، حتى انتهى إليّ آخرهم ، ثم قال لي : تقدم مدّ يدك ، فمددتها فقطعت ثم قال : مد رجلك فمددتها ، ثم رفعت رأسي الى السماء وقلت : إلهي وسيدي يدي جنت ، رجلي إيش عملت؟ واذا بفارس قد وقف على الحلقة ورمى بنفسه الى الارض ، وصاح إيش تعملون ، تريدون أن تنطبق الخضراء على الغبراء ، هذا رجل صالح يعرف بأبى الخير المباحي ، وكنت أعرف بذلك ، فرمى الأمير نفسه عن فرسه ، وأخذ يدي المقطوعة من الأرض يقبلها ، ويتعلق بي ويبكي ويقول : سألتك بالله عز وجل أن تجعلني في حل ، فقلت : من أول ما قطعت يدي ، ثم قال الشيخ أبو الخير ، وهو يبكي : فأي مصيبة أعظم من مصيبتي هذه قطعت يدي ، وانقطعت عني القرصين.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الحموي ـ بحلب ـ قال : أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني ـ اجازة ان لم يكن سماعا ـ قال : أخبرني أبو الحسين بن عبد الجبار الطيوري قال : حدثنا محمد بن علي الصوري قال : أخبرني أبو بكر محمد بن خميس الصوفي عن أبي الخير التيناتي أنه قصده رجل من مكان بعيد فلما وصل اليه وحضرت صلاة الظهر والعصر ، فلما كان صلاة المغرب صلى وجهر بالقراءة ، لم يحقق التلاوة ، فوجد ذلك الرجل في نفسه ، وقال : كابدت مشقة السفر الى رجل لا يقيم فاتحة الكتاب وبات تلك (٨٢ ـ و) الليلة ، فلما أصبح خرج الى عين بالقرب ليتوضأ وجد السبع رابضا عندها فرجع هاربا والتقى به أبو الخير فتبين الخوف في وجهه ، فتوجه الى العين ، وتوجه الرجل يمشي خلفه ليرى ما يصنع فجاء أبو الخير الى السبع ، فأخذ بأذنيه ، وجعل يعركهما ويقول له : كم أقول لك اذا كان عندنا ضيف لاتؤذنا ، فانصرف ، فولى السبع ذاهبا ، ورجع أبو الخير يريد المسجد ، فلحقه الرجل في الطريق ، فقال له كن كذا ، والحن في الحمد.