ولما صعدت وزارة الشيوخ إلى كرسي الحكم أبى شرفه الوطني أن ينقاد لها ، فغادر بغداد مستقيلا ، ووافى الأستانة ، مع أنه يودّ بغداد من صميم الفؤاد ، ويرجو لها كل تقدم ونجاح ، يدلنا على ذلك حديثه لمراسل جريدة الالستراسيون المسيو جورج ريمون الذي ألّف كتاب «مع المغلوبين» وأهديه لدولة قائدنا المشار إليه خاصة ، قال إذ ذاك :
«إنني لأرغب في العودة إلى بغداد لبذل مساعيّ في سبيل إصلاح تلك المواطن ، يا لتلك المقاطعة الممرعة ، آه إنها مهجورة ومتروكة منذ زمن طويل وهي ذات أراض خصبة كثيرة النتاج تأتي بالفائدة العظيمة على أننا سنعمل على إحيائها وإعلائها بكل ما لدينا من الجهد إن شاء الله».
٢ ـ في حرب البلقان
كان دولة القائد الكبير أحمد جمال باشا من رفقاء صاحب الدولة والعطوفة أنور باشا وكيل القائد الأعظم يوم أنزلوا كامل باشا من كرسي الوزارة ؛ حيث عزم على إرسال المذكرة إلى حكومات أوربا بقبول تسليم أدرنة إلى البلغاريين.
ومما يذكر من متانة عزم قائدنا المشار إليه ، وقوة إرادته ووطنيته المجسمة قوله لمراسل الالستراسيون جورج ريمون حين حصار أدرنة في شهر شباط سنة (١٩١٢ م) وقد سأله عن سبب تشبث الدولة بهذه المدينة :
«إن أدرنة اليوم بمثابة صوت ينادينا بالاتحاد والوئام ، صوت يدعو إلى اتحاد الذين يحتفظون بشرف العثمانية ، فإذا أخذ البلغار هذه المدينة وأخذوا الأستانة بعدها ثم أخذوا دمشق ثم الموصل ثم بغداد ، وبقيت أنا في البصرة مع خمسة عشر من العثمانيين فإني أطالب هناك بأدرنة».