قائمة الکتاب
2 ـ في طرابلس الغرب
٥٨
إعدادات
الرّحلة الآنوريّة إلى الأصقاع الحجازيّة والشاميّة
الرّحلة الآنوريّة إلى الأصقاع الحجازيّة والشاميّة
تحمیل
إن الذي يرى أنور بك وقد أطلق من لحيته وترك شعره مسترسلا على منكبيه معرضا وجهه لحرارة القيظ لا يلبث أن يميل الاعتقاد بأن هذا الرجل قلما يوجد مثله بين الناس ، وأنه يجدر بالإنسانية أن تباركه وتقدس اسمه».
ثم ذكر المراسل الحربي ما أحدثه هذا البطل الكبير من التأثير في نفوس العرب ، وما له من الاحترام العظيم في قلوب القوم. ثم قال :
«رأيت من أنور بك أمرا غريبا وهو تفقده الأحداث بنفسه ومشارفته أمورهم بمفرده ، وإني لأذكر أنه تقدم من طفل صغير هو أقل سنّا من بقية تلامذة المدرسة التي أسسها ذلك البطل ، فجثا على قدميه وأمسك الطفل بيديه ، وبعد أن نظر إليه قليلا ، قال له بلهجة يتخللها الحنو الأكيد :
هل أتقنت الأمثولة يا بني؟
فأجابه الطفل وهو لا يقوى على النطق :
أجل يا أبت ، تعلمتها عن ظهر قلب.
قال : فأسمعني إياها.
فأطبق الطفل عينيه ، وقال :
«الوطن هو طرابلس الغرب ولا راحة للإنسان إلا أن يدافع عن وطنه ، والعدو هو إيطاليا ولا يتمكن الضمير من الإخلاد إلى السكون إلا بفشل العدو ، ووالدي هو السلطان محمد الخامس ورضاء الوالد مقرون برضا الله ورسوله».