احترامنا لكم ، والنصر معقود بلوائكم ، والتوفيق متوقع على أيديكم ، لو لا صنيعكم أنتم ما أخذت هذه المدرسة ، ولا فتحت هذه الكلية ، وما ظهر إلى عالم الوجود هذا التجديد المنتظر للإسلام من مستقبل رفيع يحوي في مطاويه اليقظة والنهوض. فألف شكر ومنة لكم.
كانت ذكرى هذه المدرسة التي تدعى إلى اليوم باسم الصلاحية تعذب روح صاحبها المجاهد الشهيد ؛ لأنها كانت إلى أمس تلقن البغي والعصيان بدل اليقين والإيمان ، أسست هذه المدرسة دار علوم كبرى منذ زهاء ستمائة سنة ، وبعد أن كانت دار إرشاد وعلم تحولت إلى مركز مبشرين بالضلالة والعماية ، فكان صلاح الدين يضطرب في قبره للذي وقع لمدرسته.
أنتم لما قدمتم هذه البلاد وجلبتم السعادة معكم ، وزرتم مرقده الشريف رأى روحه قريبة من روحكم ، فعرض لديكم جملة حاله ، وشكت مدرسته مما نالها من الاضطراب ، وأنتم أيها القائد المبجل ، لما ألقيتم خطبتكم الأولى المهمة في الجامع الأموي قرب قبر صلاح الدين ذكرتم اسمه بأنواع الاحترام ، كأنكم تعهدتم له تعهدات في هذا الشأن حتى إذا شخصتم إلى هنا أنشاتم هذه المدرسة ، فأدخلتم بصنيعكم السرور على روحه ، كما أدخلتموه على العالم الإسلامي أجمع.
جاء صلاح الدين من مصر ، فأنقذ هذه الديار ، وأنتم ستذهبون من هنا لتخليص ذاك القطر التعس. فنسأل الحق تعالى الذي منحه النصر والتوفيق أن يجعلهما رفيقيكما.