إن القلم ليعجز عن تعداد فضائله التي هي أكثر من أن تحصى ، لقد خلقه الله ووهبه حكمة بالغة ، وسعة صدر عجيبة ، فكان منذ نعومة أظفاره يجد وراء حياة هذه الأمة ، وإعلاء شأن الدين ، نهض نهضة الأسد ، ومزق حجب الأوهام والاستبداد ، وهيأ للأمة مستقبلا سعيدا ، وألقى بنفسه في مهالك عظيمة لنجاة هذا الدين الحنيف ، ورفع لواء الإسلام ، ولقد نجاه الله ووهبه السعد والإقبال ليخدمه ؛ إذ قال جل وعلا : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).
جاهد بعد إعلانه الدستور لإيجاد روح شاب الإسلام في المملكة ، وجدّ وراء ارتباط العالم الإسلامي بأجمعه من المشرق إلى المغرب حتى طبق ذكره الخافقين ، وأضحى الصيني والهندي والأفغاني والتونسي والعربي يتلظى شوقا لرؤية محياه ، ويدعو الله في صلاته وصيامه بطول عمره وبقائه.
أدهش الغربيين باقتداره وذكائه ، أعجب الأحباء منهم بأعماله ونياته ، أوجد للدولة العلية الإسلامية قوة وعظمة ، ودبّ في روح أبنائها الحياة الحقيقية ، وبه فهموا معناها حتى أضحت به تضاهي الدول العظمى قوة وعلما وسياسة ، وببرهة وجيزة دوخت الأعداء ، وطربت لها قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
تولى حفظه الله نظارة الحربية ، فرأى حالة الجيش محزنة ، فواصل ليله بنهاره لجعله جيشا تهابه الأسود وتخشى سطوته بلاد الأعداء ، ولا غرو فالتاريخ يعيد نفسه ، فما هي إلا عشية وضحاها حتى ظهر الجيش الإسلامي كما تظهر الأسود من عرينها ، ظهر جيشا عرمرما كامل العدة والعدد ، منظما أجل التنظيم ، أوجد في قلبه إيمانا لا يتزعزع ، علمه كيف يجب أن يعيش لإحياء دين الله ، وقد ظهرت في هذه الحروب الضروس نتيجة عمله العظيم.