وحملت به صلىاللهعليهوسلم ، آمنة في أيام التشريق في شعب أبي طالب عند الجمرة الوسطى (١). وقيل : حملت به في رجب ، وكانت ليلة الجمعة ، وقيل : حملت به في دار وهب بن عبد مناف ، ورأت حين حملت به أنه خرج منها نور ، رأت منه قصور بصرى من أرض الشام (٢) ـ بصرى بضم الباء الموحدة وسكون الصاد مدينة من حوران بالشام ، وقيل : مدينة بنسا والبصرة (٣).
وآمنة هي : بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب (٤).
__________________
خيار من خيار ، ورجل مثل عبد الله والد الرسول كان خيارا من خيار وهذا شأنه ، فهل نطمئن إلى هذه الروايات المزعومة وأنه بعد أن دخل بزوجته آمنة بنت وهب عاد فأتى المرأة المتعرضة فقال لها : هل لك فيما قلت؟ كما أن الروايات تخبطت في اسم المرأة المتعرضة ، فهي مرة أخت ورقة بن نوفل ، ومرة كاهنة من أهل تبالة ، هذا التخبط دال على الكذب».
قلت : ولهذا أشك كثيرا في صحة هذه الرواية التي لا تشرف بيت النبوة ... ولم يكن من آباء النبي صلىاللهعليهوسلم من يتوق إلى الزنا ، فالخبر بيّن الضعف لأمرين الأول : معارضة معناه لصحيح قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم «خرجت في نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء» الثاني : لإضطراب سند الخبر لتردد الرواة في تعيين التي عرضت نفسها.
وعلى فرض صحة هذا الخبر يجب تأويله بما يطابق مقتضى نصوص الشريعة ، فقد قال تعالى (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) ـ سورة الشعراء آية ٢١٩ ـ أي أن جميع آبائك الذين لهم عليك ولادة كانوا طاهرين ساجدين بالقوة أي كانوا معتصمين بالقيم الروحية والمثل العلية والمباديء السنية لا أصحاب أهواء ، فكانوا بحيث لو أدركوا رسالة السماء لآمنوا غير مكرهين ودخلوا في دين الله طائعين. وعلى هذا يحمل سؤال عبد الله للمرأة المتعرضة بعدما دخل بآمنة على أنه لمجرد الإستعلام عن سبب عدم عرضها اليوم ما عرضته عليه بالأمس لمجرد العلم لا لإجابة عرضها.
(١) انظر : محب الدين الطبري : خلاصة سير ص ٧ ، ابن كثير : البداية ٢ / ٢٤٣ والقول المذكور لا يتفق مع ما رجحه جمهور العلماء في أن مولده صلىاللهعليهوسلم في شهر ربيع الأول ، ومع الثابت أن مدة حمله صلىاللهعليهوسلم تسعة أشهر على التمام.
(٢) انظر : ابن هشام : السيرة ١ / ١٥٨ ، ابن سعد : الطبقات ١ / ١٠٢ ، الطبري : تاريخ الرسل ٢ / ١٥٦ ، عياض : الشفا ١ / ١٠٣ ، محب الدين الطبري : خلاصة سير ص ١٢.
(٣) انظر : ياقوت : معجم البلدان ١ / ٤٤١.
(٤) راجع نسبها عند ابن هشام في السيرة ١ / ١١٠ ، وابن سعد في الطبقات ١ / ٥٩ ، وابن الجوزي في المنتظم ٢ / ٢٣٧ ، ومحب الطبري في خلاصة سير ص ٥.