المثيل ، ولأجل ذلك امتدحها الشعراء من قديم الزمان ، وجعلوها بمنزلة الانسان للعين والعين للانسان مع زيادة المبالغة ويدلك عليها هذان البيتان :
الكامل
الشام في وجه البسيطة عينها |
|
لكن طرابلس هي الانسان |
لم يحو ثغر ما حواه بثغرها |
|
ولبرد لؤلؤ ثلجها ظمآن |
وأقول لو قال هذا الشاعر المتوغل في المسالك والمواعر عوض لكن وغدت لكان اتم في المراد اذ الاستدراك هنا لا معنى له عند من له فهم وقّاد ونظر نقاد ، والبيت الثاني فيه برودة زائدة دالة على عدم ذوق الشاعر وشاهده تظهر لمن دقق النظر فيه وشاهده ، ولرجل آخر من قصيدة وكأنه قصد ترجيح طرابلس على الشام وهي منه مكيدة :
الطويل
لئن كان وادي الشام ساد بمبسم |
|
طرابلس الفيحاء باسمة الثغر |
حكت جنة الفردوس حسنا ومنظر |
|
وسكانها الولدان تسمو على البدر |
حوت قصبات السبق بالقصب الذ |
|
ي حلا رشفه طعما على السكر المصري |
وابراجها عد الكواكب سبعة (١) |
|
وتحمي حمى الاسلام من عصبة الكفر |
بأربعة سادت وشاد مقامها |
|
على سائر الأمصار في البر والبحر |
بابيض ثلج واحمرار كثيبها |
|
وخضرة مرج قد حكا زرقة البحر |
ولقد صدق هذا القائل ، فإنها قد جمعت لهذه الاوصاف الحسنة عند كل
__________________
(١) هذه اشارة الى ابراج طرابلس بالاضافة الى القلعة المملوكية التي اقيمت على مكان القلعة الصليبية (قلعة صنجيل) التي دمرت ، اذ كان هناك :
١ ـ برج الشيخ عفان. ٢ ـ برج السباع. ٣ ـ برج رأس النهر. ٤ ـ برج المغاربة وكان يعرف باسم برج عز الدين. ٥ ـ برج السراي أو برج الديوان. ٦ ـ برج المشتى أو برج ابي العدس.
٧ ـ برج البحصاص الواقع الى جنوبي طرابلس ، انظر السيد عبد العزيز سالم ، المرجع ذاته ، ص ٤٣٨ ـ ٤٥٠.