السلطان مراد ادام الله تعالى له الدولة أبد الآباد ، وان مدة محاصرتها أربعون يوما وأخذت قلعتها وأدخل الله سبحانه وتعالى على الناس سرورا وآزال عنهم همّا وغمّا وشرورا. وزينت البلدة ثلاثة أيام بحسب ما يقتضيه حال اهلها والزمان والمقام.
وفي رابع شوال ورد الامر الشريف بتولية البلدة لدرويش محمد (١) باشا المنفصل عن ديار بكر بعد الشام ومكتوب منه لحضرة الافندي الدفتري المشار اليه أسبغ الله نعمه عليه يتضمن أن يكون (٢) عنه قائم مقام ، فبادر في تسجيل الامر الشريف على هذا المنوال وعزل محمد آغا المتسلم المذكور سابقا وسافر بعد اربعة ايام ، وحصل لأهل البلدة الفرج بعد الشدّة ، وتوسلوا الى الله تعالى بطول هذه المدة ، وسلك بها سلوكا حسنا ، ولم يزل يعاملهم بما كان ارفق وأحسن ، الا انه كان متعوبا مع القاضي لأنه كان عن عدم محبة الدنيا متغاضيا (٣) ، وهو يريد يسلك معه خير المسالك ، والقاضي ـ سلّمه الله تعالى ـ بخلاف ذلك ، حتى أنه غالب الأحيان لا يوجد من يشتكي الا على القاضي في الديوان ، فلا حول ولا قوة الا بالله وبه المستعان من فساد الزمان المؤذن بقرب الأوان ، لان الامر اذا جرى على خلاف القياس ، اذن ذلك بهلاك الناس. وفارقناه وهو على ما ذكرناه ووصفناه (٢٤ أاسطنبول)
وبالجملة والتفصيل : البلدة المذكورة لما كانت عامرة كانت معدومة
__________________
(١) درويش محمد باشا : جركسي الاصل ، تولى نيابة الشام سنة ١٠٤٥ ه / ١٦٣٥ م ، «وكان ظالما جبارا ففتك في اهلها وتجاوز في ظلمهم الحد ... ثم عزل وصار امير الامراء بطرابلس الشام وبعد ذلك ولي حكومة بغداد وتنقل في النيابات حتى ولي في آخر أمره الوزارة العظمى في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وستين والف ومات وهو في الصدارة» سنة ١٠٦٥ ه / ١٦٥٤ م ، انظر المحبي ، خلاصة الاثر في اعيان القرن الحادي عشر ، م ٢ ، ص ١٥٧ ـ ١٥٨ ، ولم يستقم طويلا في طرابلس الشام اذ انه عزل عنها في العام التالي ، انظر الدويهي ، تاريخ الأزمنة ، ص ٣٣٨.
(٢) «يكون» مذكورة على الهامش.
(٣) جاءت في الأصل «متغاضي».