ثم انه حفظه الله تعالى بعد ان أنزلنا عنده أكرمنا بما لا مزيد بعده أبقى الله تعالى وجوده وضاعف عليه انعامه وجوده ، اذ كان هو الباعث الأعظم على مسيرنا الى هنالك ورحيلنا الى تلك الشعب والمسالك فقطعناها والشوق اليه يهزنا والتوق الى جنابه الكريم يحثنا فلم ندر من المحبة ما قطعنا ولم نشك الا من بعد المسافة حتى اجتمعنا (٩ أبر).
ثم أنه (١) قدم علينا للسلام افتخار الأماجد الكرام ، صاحب الهمة العلية والاخلاق الحسنة المرضيّة محمد أغا المتسلم يومئذ والمحافظ للبلدة من قبل شاهين باشا ، بلغه الله تعالى من الخيرات ما شاء ، فإنه أعزه الله تعالى حيّانا بالسلام وقابلنا بالاجلال والاكرام وهو بحسب الظاهر له وجه ذو بشاشة من حسن تواضع وهشاشة. وقد كثر بيننا وبينه الأجتماع وتشنفت بحلاوة لسانه الأسماع.
ثم تشرفنا بقاضي البلدة مفخر الموالي العظام والافاضل الفخام عبد الكريم افندي الكنغري (٢) من قصبة بالقرب من انكورية (٣) فقابلنا بالاجلال والتكريم ، والمعزة والتعظيم. أخبرني أنه كان قاضيا بمدينة قاسارية (٤) وهي من قضاة القصبات فحصلت له عناية ربانية ، فعرج به من ذلك الطريق الى طريق المولوية وأثر العرج به (١٣ أاسطنبول) بيّن ظاهر ، وهو في الجملة والتفصيل مظهر من المظاهر قد فاق على الاوائل والأواخر ، كبير في السن ، بحب الدنيا الدنية ممتحن ، تمر به غالب الأوقات وهو في الامراض ، وليس له عن محنته اغضاء ولا اعراض ، له
__________________
(١) من هنا يتوقف نص نسخة برنستون مرة أخرى.
(٢) عبد الكريم الكنغري لم اعثر له على ترجمة.
(٣) انكورية : المقصود بها أنقرة التي كانت عاصمة لسنجق في ايالة الأناضول ، حول تاريخ هذه المدينة راجع :
F. Taeschner,» Ankara «, E. I. ٢, Vol. i, PP. ٩٠٥ ـ ١١٥.
(٤) قاسارية : هي قيصارية وعن تاريخها راجع مقالةBesim Darkot ,» Kayseri «A.I.Vol.vi ,PP.٤٨٤ ـ ١٩.