وسرنا منها وقت السحر مستبشرين بالقاء وعثاء السفر وحصول المقاصد مع بلوغ الوطر. وقال لسان الحال : لك البشرى فقد بلغت المآرب وحصلت على ما انت له قاصد وطالب ، فلما وصلنا الى مكان يقال له نهر البارد (١) ، فإذا به مكان يشرح الصدر ويجلب الفرح المتزايد ، وهو نهر جاري وسط مرج عريض أخضر بماء (٧ ب بر) بارد كالزلال يتحدر ، ولجانبه بقايا خان جار عليهم الزمان وبه خان (٢) فنزلت دون الأحمال لصلاة الفجر واغتنمت الفلاح والخير والأجر ، ثم سرنا والى بركة البداوي وصلنا وهي بركة من عين ماء نابغة مملوءة من الاسماك التي على طول الزمان متناسلة متتابعة الا انها مانعة (٣) للاصطياد (١٢ أاسطنبول) منها لأنه قد جرب ان من اصطاد منها ولو سمكة وقع في مرض الحمى وصار في هلكة. والى جانبها قبة عظيمة بها مزار الشيخ البداوي (٤) المنسوبة اليه وهو من الأولياء المعوّل في الكرامات عليه ، فدخلتها وصليت بها ما تيسر ورأيت ضريح الشيخ في شق الحايط وهو ضريح مهاب منور ، ثم قرأت عنده الفاتحة وجعلتها لحصول الخيرات فاتحة. واذا بولد حضرة الأفندي محمد آغا مع جماعته قادمون وعلينا مسلمون ، فتسالمنا وسرنا وحصل للنفس البشرى (٨ أبر) بمن قابلنا ودخلنا المدينة ضحوة نهار الاثنين سابع شهر شعبان المكرم.
ولما دخلنا على حضرة المولى الأعظم والملاذ الأكرم المنوه بذكره الشريف في هذا الرقم قام واستقبلنا وظهر من جنابه الشريف غاية
__________________
(١) نهر البارد : كان يدعى قديما بنهر بروتس ، ينبع من جبال عكار ويجتاز سهل عكار حيث يصب على بعد ١٣ كم الى شمالي طرابلس ، انظر لبنان مباحث علمية واجتماعية ، نشر ١٩١٨ باشراف اسماعيل حقي بك متصرف جبل لبنان ، اعاد تحقيقه في مجلدين ، الدكتور فؤاد افرام البستاني ، بيروت ، ١٩٦٩ ، م ١ ، ص ٢٧.
(٢) جاءت في نسخة اسطنبول «وله خان».
(٣) جاءت في نسخة اسطنبول «مانعة من الاصطياد».
(٤) الشيخ البداوي : لم اعثر له على ترجمة في المصادر المتوفرة لدي.