ما يقال حتى أن الفرنج أرسلوا واخذوا منه وتبركوا به وزرعوا به (١) عندهم. ولما حللنا وفي قرية شعثا نزلنا ، قلت عند ذلك :
الطويل
وسرنا لشعثا مشمسين نهارنا |
|
وبتنا بها في أطيب العيش أرغد |
نزلنا لدى شخ يسمى بيوسف |
|
وغاب الى ان اصبح الصبح للغد |
وبالجملة والتفصيل منزلتها كانت احسن من بعلبك لحسن المقيل ، فإنها (٢) قرية في سفح جبل بالقرب منها عين ماء تجري أحلى من العسل ، تنفي عمن يشرب منها الكسل ، ونزل بقية الرفاق في (٨ أاسطنبول) الخان ونزلت في بيت الشيخ في مكان ليس فيه انسان ، وذلك لعدم الامكان فإنه بعد ان صرت عنده نزيلا (٣) لم ارى له وجها الا عند التحميل. فجاء باعذار جسيمة باردة وخيمة فقلت له جزاك الله عن مغييك خيرا ولا (٤) اراك مكروها وضيرا ، لقد قلدتنا منّة عظيمة بغيابك عنا.
ورحلنا منها قاصدين القرية المعروفة بالهرمل (٥) فمشينا في طريق يقال له المجّر وهو عبارة عن طريق في ذيل جبل على كتف السهل يمشي الركبان طولا مسافة بعيدة ثم يدورون دورة عظيمة ثم يمشون طولا ويدورون اخرى وهلما جرّا. وحاصلة أن أنواع الأعرب ، اجتمعت فيه مع الشدة والقهر ، الرفع والنصب والخفض والجر. لكن على يمنه الطريق
__________________
(١) جاءت في النص : «وزرعوه عندهم».
(٢) جاءت في نسخة اسطنبول «فانه».
(٣) جاءت في الأصل «نزيل».
(٤) يعود النص من جديد في نسخة برنستون.
(٥) الهرمل : المنطقة الجبلية الواقعة الى شمالي بعلبك ومعظم سكانها من الشيعة الاثني عشرية وهي تنسب الى قرية الهرمل راجع انيس فريحة ، المرجع ذاته ، ص ٣٥٧.