للمسير ومنشرحا لهذا التقدير ، فعزمنا على الترحال وشددنا الاثقال وخرجنا من دمشق الشام (٢ أبر) صبيحة (١) نهار الاثنين تاسع عشري رجب الفرد الحرام ، من شهور سنة ثمان واربعين والف من هجرة خير الأنام عليه أفضل الصلوة وأتم السلام. ولما وقفنا بثنية الوداع (٢) وهمّ قبلي مزننا بالأقلاع ، أنشد لسان الحال بعد أن عجز عن المقال.
الوافر
أودّغكم واودعكم جناني |
|
وانثر أدمعي مثل الجمان |
ولو نعطى الخيار لما افترقنا |
|
ولكن لا خيار مع الزمان |
وانشد قول الاستاذ المقّري (٣) سحّت عليه شآبيب الرحمة في البكور والعشي.
المجتث
لا كان يوم فراق |
|
ساق الشجون الينا |
(٢ ب اسطنبول)
وسام نفسي ذلا |
|
يا من يعز علينا (٤) |
وقوله
ودعتهم ودموعي |
|
على الخدود غزار |
فاستكثروا دمع عيني |
|
لما استقلوا وساروا |
__________________
(١) من هنا ينقطع النص في نسخة برنتسون.
(٢) «ثنية مشرفة على المدينة يطأها من يريد مكة ... (وهي) اسم قديم جاهلي سمي لتوديع المسافرين» ياقوت الحموي (ت ٦٢٦ ه / ١٢٢٨ م) ، معجم البلدان ، ٦ م ، تحقيق فردناند وستنفلد ، ليبزج ، ١٨٦٦ (تصوير طهران) ١٩٦٥ ، م ١ ، ص ٩٣٧ ، ومثل هذا كرره ، مع زيادات ، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي (ت ٨٢٣ ه / ١٤١٥ م) في المغانم المطابة في معالم طابة ، تحقيق الشيخ حمد الجاسر ، دار اليمامة ، الرياض ، ١٩٦٩ ، ص ٨٠ ـ ٨١.
(٣) عن المقّري راجع المقدمة أعلاه.
(٤) انظر نفح الطيب ، م ١ ، ص ٩١ ، ورواية صدر البيت الثاني في نفخ الطيب : «فكم اذلّ نفوسا ...»