(٩٩٦ ه / ١٥٨٨ م ـ ١٠٣٨ ه / ١٦٢٩ م). وقد أدى ذلك باعداد كبيرة من العناصر العسكرية العثمانية النظامية التي هربت من الخدمة العسكرية ، والتي اطلقت عليها المصادر التاريخية لقب «السكمان» الالتجاء الى الزعامات والقوى المحلية في بلاد الشام. والجدير بالذكر ان هذه القوى المحلية موزعة بين حلفين رئيسيين : الحلف القيسي بزعامة الأسرة المعنية والحلف اليمني بزعامة آل سيفا : الأسرة التركمانية السنية المتنفذة في بلاد عكار والضنية وطرابلس الشام (١) ، وكمظهر من مظاهر التفسخ والانحلال الذي أصاب القوة العسكرية العثمانية المقيمة في قلاع بلاد الشام ، فإنها انقسمت الى فئات متناحرة حاولت كل فئة منها ان تجد لها معينا اما لدى القيسية أو اليمنية ، وهذا أدى بالتالي الى اذكاء روح الصراع القبلي في بلاد الشام انذاك. وكانت الغلبة في معظم الاحيان للجناح القيسي الذي حظيت زعامته المعنية ، الدرزية المذهب ، بتأييد معظم قادة القوة العسكرية في دمشق. ولقد أدرك الأمير فخر الدين المعني بحسّه السياسي النفّاذ هذا الدعم له فنلاحظ انه شنّ عددا من الغارات على المناطق التي كانت خاضعة ليوسف باشا سيفا اما بتشجيع مباشر من رجال الدولة أو اغتناما للفرص من أجل توسيع دائرة نفوذه.
ففي عام ١٠٢٨ ه / ١٦١٨ م وبتأييد من والي طرابلس العثماني ، عمر باشا المشهور بالكتانجي ، هاجم فخر الدين غريمه يوسف باشا سيفا فأحرق «جميع بيوت وسرايا عكار وعيّن المعلمين والقلّاعين لهدم حارات ابن سيفا وكانت حارات معتبرات ، أخرج عليها اموال عظام ، واستمر المعلمون في هذا الهدم أكثر من شهر حتى هدموا حارته وحارات توابعه
__________________
(٦١) انظر :
M. A. Bakhit, The Ottoman Province of Damascus, PP. ٩٨١ ـ ٠٠٢.