من أوساط المراكب
بآلاتها ، ويندب لكلّ مركب منها من جملة السّلاح وشجعان الرّجال من يستقلّ به ،
وأظهر انّه يريد التنزّه في الجزائر التي في مملكته ، وكتب إلى الملوك الذين في
هذه الجزائر وهم في طاعته ، وجملته بما عزم عليه من زيارتهم والتنزه بجزائرهم حتى
شاع ذلك ، وتأهب ملك كل جزيرة لما يصلح للمهراج ، فلمّا استتب أمره وانتظم دخل في
المراكب وعبر بها وبالجيش الى مملكة القمار وهو وأصحابه أهل سواك دائم ، يفعل
الرجل منهم ذلك في اليوم مرّات ، وسواك كلّ واحد منهم معه لا يفارقه أو مع غلامه ،
فلم يشعر به ملك القمار حتّى هجم على الوادي المفضى إلى دار ملك القمار ، وطرح
رجاله فأحدقوا به على سبيل غرّة فأخذه واحتوى على داره ، وطار أهل المملكة من بين
يديه ، فأمر بالنداء بالأمان ، وقعد على السّرير الذي كان يجلس عليه ملك القمار ،
وقد أخذه أسيرا فأحضره وأحضر وزيره ، فقال لملك القمار : ما حملك على تمنّي ما ليس
في وسعك ولا لك فيه حظ لو نلته ، ولا أوجبه سبب يسهّل السبيل إليه ، فلم يحر جوابا
، ثمّ قال له المهراج : أمّا انّك لو تمنّيت مما تمنّيته من النظر إلى رأسي في طست
بين يديك إباحة أرضي وملكها أو الفساد في شيء منها لاستعملت ذلك كلّه فيك ، لكنّك
تمنّيت شيئا بعينه ، فأنا فاعله بك وراجع إلى بلدي من غير أن أمدّ يدا إلى شيء من
بلادك ممّا جلّ ودقّ لتكون عظة لمن بعدك ولا يتجاوز كلّ قدره وما قسم له ، وأن
يستغنم العافية من لبسته ، ثمّ ضرب عنقه.
ثمّ أقبل على
وزيره ، فقال له : جزيت خيرا من وزير ، فقد صح عندي انّك أشرت على صاحبك بالرأى لو
قبل منك ، فانظر من