والده من أهل الصّين ويهديه إلى الملك تقرّبا به إليه ، فأمور الملك في خاصّته وخزائنه ومن يتوجه إلى مدينة خانفو التي يقصد اليها تجار العرب هم الخدم ، ومن سننهم في ركوب هؤلاء الخدم وملوك سائر المدن إذا ركبوا : أن يتقدمهم رجال بخشب تشبه النواقيس يضربون بها ، فيسمع من بعد فلا يقف أحد من الرعية في شيء من ذلك الطريق الذي يريد الخادم أو الملك أن يمرّ فيه ، ومن كان على باب دار دخلها وأغلق الباب دونه ، حتّى يكون اجتياز الخادم أو الملك المملك على تلك المدينة ، وليس في طريقه أحد من العامّة ترهيبا وتجبرا ، ولئلا يكثر نظر العامة إليهم ولا يمتدّ لسان آحد إلى الكلام معهم. (١)
[حذق أهل الصين في صناعة الحريري وغيرها]
ولباس خدمهم ووجوه قوّادهم فاخر الحرير الذي لا يحمل مثله إلى بلاد العرب عندهم ومبالغتهم في أثمانه.
وذكر رجل من وجوه التجار ومن لا يشكّ في خبره : أنّه صار إلى خصىّ كان الملك أنفذه إلى مدينة خانفو لتخيّر ما يحتاج إليه من الأمتعة الواردة من بلاد العرب ، فرأى على صدره خالا يشفّ من تحت ثياب حرير كانت عليه ، فقدّر أنّه قد ضاعف بين ثوبين منها فلما ألحّ في النّظر ، قال له الخصى : أراك تديم النظر إلي صدري فلم ذلك ، فقال له الرجل : عجبت من خال يشفّ من تحت هذه الثياب ، فضحك الخصىّ ثم طرح كمّ قميصه إلى الرجل ، وقال له : أعدد ما علىّ منها ، فوجدها خمسة أقبية بعضها فوق بعض والخال يشفّ من تحتها.
والذي هذه صفته من الحرير خام غير مقصور ، والذي يلبسه
__________________
(١) ملوكهم أرفع من هذا وأعجب.