والأطباء مختلفون فيها. فمنهم من مدحها وعدّد منافعها ، ومنهم من ذمّها حتى إنّي رأيت بعض أطباء العجم ينهى عن استعمالها ، وينفّر عنها غاية التنفير. وقد ذكر الشيخ داود (١) في التذكرة خواصها فقال : البن ثمر شجر باليمن يغرس حبّه في آذار ، وينمو ويقطف في آب ، ويطول نحو ثلاثة أذرع على ساق في غلظ الإبهام ، ويزهر زهرا أبيض يخلف حبا كالبندق ، وربّما تفرطح (٢) كالباقلّا ، وإذا قشّر انقسم نصفين ، وأجوده الرزين الأصفر ، وأردؤه الأسود ، وهو حارّ في الأولى ، يابس في الثانية. وقد شاع برده ويبسه وليس كذلك ، لأنّهمرّ وكلّ مرّ حار ، ويمكن أن يكون القشر حارا ونفس البن إمّا معتدل أو بارد في الأولى ، والذي يعضد برده عفوصته. وبالجملة فقد جرّب لتخفيف الرطوبات والسعال البلغمي ، وفتح السدد ، وإدرار البول. وقد شاع الآن اسمه بالقهوة إذا حمّص وطبخ بالغا. وهو يسكّن غليان الدم. وينفع من الجدري والحصبة والشرى الدموي ، ولكنّه يجلب الصداع الدوريّ ، ويهزل جدّا ، ويورث السهر ، ويولد البواسير ، ويقطع شهوة الباه ، وربّما أفضى إلى الماليخوليا ، فمن أراد شربه للنشاط ودفع الكسل فليكثر معه من أكل الحلو ، ودهن الفستق والسمن. وقوم يشربونه باللّبن وهو خطأ يخشى منه البرص. انتهى.
وما ألطف قول الصلاح (٣) القرشي في الشيخ أحمد بن عواد (٤) :
انّ ابن عوّاد له قهوة |
|
بحسنها كلّ الورى يشهد |
يحتار من ينظر في لونها |
|
ووجهه أيّهما أسود |
__________________
(١) هو داود الأنطاكي الطبيب الأديب المكفوف. توفي سنة ١٠٠٨ ه (معجم المؤلفين ٤ / ١٤٠).
(٢) المفرطح : العريض.
(٣) في ك (ابن الصلاح) وفي أ(أبي الصلاح).
(٤) ترجم الخفاجي لابن عواد في ريحانة الألباء ٢ / ١٠٧ ترجمة مختصرة ولم يذكر تاريخ وفاته.