كلّ سرّ صانه جلد |
|
فهو يوم البين مبتذل |
ثم خفت فقلبناه فوجدناه ميتا (١).
وقريب من هذا ما حدّث الأصمعي عن يونس قال : بلغني أن قوما جاءوا إلى ابن عباس بفتى محمول ضعفا فقالوا : استشف لهذا ، فنظر إلى فتى حلو الوجه عاري العظام فقال له : ما بك؟ فقال (٢) :
بنا من جوى الأسقام والحبّ لوعة |
|
تكاد لها نفس الشّفيق تذوب |
ولكنّما أبقى حشاشة ما ترى |
|
على ما به عود هناك صليب |
فقال ابن عباس : أرأيتم وجها أعتق ، ولسانا أذلق ، وعودا أصلب ، وهوى أغلب ممّا رأيتموه اليوم؟ هذا شهيد الحبّ لا دية ولا قود.
وفي هذا الفراق أقول من بعض أشعار الصّبا ، وهي كما قال شرف السادة (٣) : التمر باللّبأ (٤) :
فارقت مكّة والأقدار تقحمني |
|
ولي فؤاد بها ثاو مدى الزّمن |
فارقتها لا رضى منّي وقد شهدت |
|
بذاك أملاك ذاك الحجر والركن |
فارقتها وبودّي إذ فرقت بها |
|
لو كان قد فارقت روحي بها بدني |
وفيه يقول الأخ الأعز ، المحرز من مكاسب الفضائل ما غلا وعز ، أبو
__________________
(١) الحكاية في مصارع العشاق ٢ / ٢٤٦ مع اختلاف في السند ، ورواية الأبيات وعددها.
(٢) الحكاية في الأغاني ٢٣ / ٣١٧ ومصارع العشاق ٢ / ٢٤٥ ، وفي الأول البيتان لعروة بن حزام وهو الفتى المحمول إلى ابن عباس. يلاحظ وجود اختلاف بسيط في رواية البيتين.
(٣) هو أبو الحسن محمد بن عبيد الله البلخي المعروف بشرف السادة. توفي سنة اربعمائة ونيّف وخمسين. (أنوار الربيع ٣ / ٣٤٧).
(٤) اللّبأ (بكسر ففتح) : أول اللبن في النتاج.