الإجلال والإكرام. فمهّد له في فنائه موضعا ، وأحلّه من سمائه مطلعا ، ولم يزل يلحظه بعين عناياته ، وينشر عليه من العزّ أرفع راياته ، ويفصّل له من الشأن مجمله ، وينجح له من المعالي ما أمّله ، حتى اختاره لمصاهرته ، واجتباه لمؤازرته ، فأملكه ابنته الطاهرة ، وملّكه نعمه الباهرة الزاهرة ، فأصبح وقد مدّ العزّ عليه رواقه ، وألقى شراشره (١) وأوراقه ، وأثمر غصن أمله بنجحه ، وتبلّج أفق مرامه بصبحه ، وكان عرسا (٢) أظهر مولانا السلطان به أيده ، وأبدى فيه ما لم يبده المهديّ في أعراس الرشيد بزبيدة ، ولم يكتحل مدته جفن بوسن ، ولم يحتفل احتفاله المأمون لبوران بنت الحسن. حشر له البادي والحاضر ، وأشرقت به المحافل والمحاضر ، فقال الأديب الشيخ جابر الجوازري (٣) مؤرخا هذا الزواج الميمون الازدواج :
أقبل السعد يهنّي |
|
سيّدا من خير آل |
هاشميّا أحمديّ ال |
|
خلق محمود الخصال |
قال بشراك فأرّخ |
|
ما قضاه ذو الجلال |
زوّجوا شمس المعالي |
|
منك يا بدر الكمال (٤) |
استطراد :
ذكر صاحب تحفة العروس (٥) قال : أخبرنا أبو ياسر البغدادي قال :
__________________
(١) ألقى عليه شراشره ، أي ألقى عليه نفسه حرصا ومحبة ، وقيل ألقى عليه أثقاله اعتمادا عليه.
(٢) العرس (بالضم) : طعام الوليمة.
(٣) لعله من العراقيين المستوطنين الهند ، والجوازري نسبة إلى الجوازر أحد بطون قبيلة الجبور العراقية (عشائر العراق ٣ / ٨٨).
(٤) تضمن هذا البيت تاريخ الزواج بحساب الجمّل وهو سنة ١٠٥٩ ه.
(٥) هو كتاب (تحفة العروس ونزهة النفوس) في علم الباه لأبي عبد الله محمد بن أحمد التجاني. في هدية العارفين ٢ / ١٤٢ : فرغ منه سنة ٧١١ ه وفي معجم المطبوعات ١ / ٦٥٠ : كان حيا سنة ٧١٠ ه.