المصباح وهو يتقد بنفط ، فذهب ليخرج الفتيلة باصبعه فأخذت النار فيها ، فذهب يطفئها بريقه فأخذت النار بلحيته ، فعدا إلى الفرات فألقى نفسه في الماء فرأيته على الماء كأنه فحمة.
ويحكى عن الشيخ عماد الدين عبد الله بن الحسين بن النحاس (١) أنه سئل يوم عاشوراء من قبل الملك الناصر صاحب حلب (٢) أن يذكر شيئا في مقتل الحسين (ع) فصعد المنبر وجلس طويلا لا يتكلم ، ثم وضع المنديل على وجهه وبكى وأنشأ يقول وهو يبكي :
ويل لمن شفعاؤه خصماؤه |
|
والصّور في (نفخ الخلائق) ينفخ (٣) |
لا بدّ أن ترد القيامة فاطم |
|
وقميصها بدم الحسين مضمّخ |
ثم نزل عن المنبر وهو يبكي ، وصعد الصالحية وهو يبكي فأبكى الناس.
قال ابن الأثير : كان الشيخ عماد الدين المذكور فاضلا عالما فصيحا مشتغلا بالمطالعة والعبادة ، ومما أنشد عند موته :
ما زلت تدأب في التّاريخ مجتهدا |
|
حتّى رأيتك في التّاريخ مكتوبا |
ومن بديع المراثي في الحسين (ع) قول أبي الحسين الجزار (*) :
ويعود عاشوراء يذكرني |
|
رزء الحسين فليت لم يعد |
يوم سبيلي حين أذكره |
|
أن لا يدور الصّبر في خلدي |
فليت عينا فيه قد كحلت |
|
ممرود لم تخل من رمد (٤) |
__________________
(١) لعله عبد الله بن الحسن بن الحسن (وقيل الحسين) المعروف بالشيخ عماد الدين ابن النحاس المتوفى سنة ٦٥٤ ه (ذيل مرآة الزمان ١ / ٢٤ ، والنجوم الزاهرة ٧ / ٣٥). في ك (أبو عبد الله ابن الحسين).
(٢) هو يوسف (الناصر) بن محمد بن الظاهر غازي آخر ملوك بني أيوب. توفي سنة ٦٥٩ ه (الأعلام ٩ / ٣٣٠).
(٣) في ك (يوم القيامة ينفخ) وفي أ(في حشر الخلائق ينفخ).
(٤) في ك (في مرود لم تنج من رمد) والأبيات في أعيان الشيعة ٥٢ / ٤٥ والغدير ٥ / ٤٢٧ وفي رواية البيت الثالث اختلاف.