البيان ، ولا يفي بمعرفتها إلّا العيان. وهذا متعارف عند صغيرهم وكبيرهم ، ومأمورهم وأميرهم.
ومما اتّفق لي نظمه في عشر المحرم سنة أربع وسبعين في لابس سواده كتبت به إلى صاحبنا العفيف عبد الله بن حسين الثقفي (*) :
لا تقل البدر لاح في الغسق |
|
هذا سواد القلوب والحدق |
إنسان عيني بدا بأسودها |
|
فعاد لي إذ رمقته رمقي |
يا لابسا للسّواد طبت شذا |
|
ما المسك إلّا من نشرك العبق |
لبست لون الدّجى فسرّ وقد |
|
أغرت ضوء الصّباح في الأفق |
حتّى بدا فيه وهو منفلق |
|
يشقّ ثوب الظّلام من حنق |
فأجاب وأجاد :
روحي فدا من أعاد لي رمقي |
|
لمّا بدا كالهلال في الشّفق |
يهتزّ كالغصن في غلائله |
|
ويرشق القلب منه بالرّشق |
قلت له مذ بدا يعاتبني |
|
ويمزج الهزل منه بالحنق |
لو أنصف الدّهر يا شفا سقمي |
|
ما بتّ أرعى النّجوم من أرق |
لكن عسى عطفة نسرّ بها |
|
فيها سرور القلب والحدق |
ووقف على ذلك السيد الجليل الأيّد المثيل (١) عبد الله بن محمد البحراني (٢) فقال معارضا ، ودخل هذه الحلبة راكضا :
أبدر تمّ بدا من الأفق |
|
عمّ جميع البلاد بالشّرق |
أم سبت مهجتي محاسنه |
|
يختال في ناعم من السّرق (٣) |
__________________
(١) الأيد : القوي ، المثيل : الفاضل ، في ك (السيد الأيد الجليل ، العديم المثيل).
(٢) هو السيد عبد الله بن محمد بن عبد الحسين آل شبانة البحراني ، ترجم له المؤلف في سلافة العصر / ٥٠٥ ، وعنه أخذ المحبي في نفحة الريحانة ٣ / ١٩١ والبلادي في أنوار البدرين / ٩٧ ولم أقف على تاريخ وفاته.
(٣) السرق (محركة) : الحرير (معرب).