ومن كلام ابن القرّيّة (١) لما سأله الحجاج عن البلدان : الهند بحرها درّ ، وجبلها ياقوت ، وشجرها عود ، وورقها عطر ، وأهلها طغام كقطع الحمام.
وقال المسعودي : بحر الهند والصين في قعره اللؤلؤ ، وفي جباله الجواهر ، ومعادن الذهب والفضة والرصاص القلعي (٢). وفي أفواه دوابه العاج ، ومن نباته الأبنوس والخيزران والقنا ، والبقّم والعود وأشجار الكافور ، وأشجار كثيرة ، والجوز بوّاء ، والقرنفل والصندل وأنواع الأفاويه والطيب والعنبر ، وطيوره البباغي (٣) البيض والخضر ، ثم الطواويس وأنواعها في صورها واختلافها في الصغر والكبر ، ومنها ما يكون كالنعامة كبرا ، ومن حشرات أرض الهند سنانير الزباد ، وظباء المسك. قيل : وعلة كون الطيب بأرض الهند أنّه من الورق الذي خصفه عليه آدم أبو البشر من ورق الجنّة ، فإنّه لما هبط بالهند في جزيرة سرنديب على جبل الراهون وعليه الورق ، يبس فذرّته الرّياح فانتثر في بلاد الهند فكان هو العلّة في ذلك والله أعلم.
وجبل سرنديب من أعجب الجبال ، طوله مائتان ونيّف وستون ميلا وفيه أثر قدم آدم عليهالسلام. قيل : لا بدّ له كلّ يوم مطرة تغسل موضع قدمه ، وقد لمعت عليه اليواقيت ، وفيه الماس.
وفي جزائره أنواع الأفاويه ، وشجر الساج ، والله سبحانه أعلم.
ومما يلتحق بأخبار الهند وينتظم في سلكها قصة بابا رتن الصحابي ، فلا بأس بذكرها لغرابتها : قرأت في تذكرة صلاح الدين الصفدي في الجزء
__________________
(١) هو أيوب بن زيد بن قيس الهلالي المعروف بابن القرية (بكسر القاف وتشديد الراء المكسورة وتشديد الياء المفتوحة ـ في ع (ابن القرن) وفي ك وأ (ابن القربة) ـ : أعرابي أمي وخطيب يضرب المثل ببلاغته ، قتله الحجاج سنة ٨٤ ه (الأعلام ١ / ٣٨١) وترجم له الخونساري في روضات الجنات / ١١١ وسماه (اسماعيل بن زيد).
(٢) القلعي : نسبة إلى نوع من الرصاص الجيد يسمى القلعة (بتسكين اللام ، وتحرك).
(٣) البباغي ، كذا جاء في ك ، والظاهر أنه يريد جمع ببغا ، والمعروف أنها تجمع على ببغاوات. وفي ع (الساعى) وفي أ(الباغي). لم أجد الخبر في مروج الذهب ولعلني لم أهتد إليه.