ولله درّ القائل (١) :
فيا وطني إن فاتني بك سابق |
|
من الدّهر فلينعم لساكنك البال |
فإن أستطع في الحشر آتك زائرا |
|
وهيهات لي يوم القيامة أشغال |
وأما القدح فامتحنه من أدهقه بالماء وأورد عليه الناس فلم ينقصه شربهم منه شيئا ، وكان معمولا بضرب من خواص الهند الروحانية [والطبائع](٢) التامة وغير ذلك من العلم مما تدعيه الهند. وقد قيل : أنه كان لآدم أبي البشر بأرض سرنديب من بلاد الهند ، مبارك له فيه ، فورث عنه وتداوله الأملاك إلى أن انتهى إلى الملك كند لعظم شأنه. وأمّا الطبيب فكان كما وصفه صاحبه.
وقرأت في خلق الإنسان للعلامة النيسابوري (٣) : أن الملك كند المذكور رأى قبل مكاتبة الاسكندر له بمائة سنة رؤيا راعته ، فجمع لها علماء مملكته وقصّها عليهم فقال : إني رأيت كوة صغيرة إلى بيت فيه فيل عظيم محبوس ، وأنّه خرج من تلك الكوة كلّه ما خلا ذنبه ، وتعجبت من خروج الأكبر وبقاء الأصغر ، ورأيت قردا على سرير الملك ، وكرباسة (٤) في أيدي طائفة يتنازعونها فلا تنخرق ، ولا يغلب بعضهم عليها بعضا ، ورجلا عطشان يهرب من الماء والماء يتبعه فلا يعطف عليه حتى يشربه ، ورأيت أهل المدينة في المبايعة والتصرّف ، ورأيت قوما مرضى يعودون صحيحا ويسألونه عن حاله ، وبرذونا ذا رأسين يأكل بكليهما ولا يروّث ، ولا له مراث ، وثلاث خوابي (٥) مصفوفة ينصبّ ما في اليمنى واليسرى بعضها إلى بعض ولا يقطّر في الوسطى شيء وهي فارغة ، وبقرة ترتضع من عجلها ، وعينا قد يبس مخرج مائها وما دونها ممتلئ.
__________________
(١) الشعر لأبي العلاء المعري أحمد بن عبد الله المتوفى سنة ٤٤٩ ه (أنوار الربيع ١ / ٣٩).
(٢) لا وجود لهذه الكلمة في ك ، وفي ع وأ (الطماع) وما أثبته عن مروج الذهب.
(٣) هو بيان الحق محمود ابن أبي الحسن النيسابوري وقد تقدم التعريف به.
(٤) الكرباسة ، والكرباس : ثوب من القطن ، وقيل الثوب الخشن (معرب).
(٥) الخوابي ، جمع الخابية (وأصلها الهمز) : الجرة الكبيرة.