بحرا عجاجا أسود كالليل يشقّه نهر أبيض كالنهار وهو النيل.
ويقال : أنّ أناسا صعدوه فجعل كلّ واحد منهم يضحك ويصفّق ، ويلقي نفسه إلى ماوراء الجبل ، فرجع البقيّة خوفا من أن يصيبهم مثل ذلك ، فيقال : أنّهم رأوا حجر الباهت ، وهو نوع من المغناطيس في لون المرقشيشا (١) يتلألأ حسنا ، إذا رآه الإنسان ضحك حتى يموت لا يمسك عنه البتّة ، ولا أن يستتر عنه بعد أن يكون قد رآه. ثمّ إن وقع عليه الفرفير (٢) ـ وهو طائر في شكل عصفور الشوك الذي يقال له السماني ، أسود له طوق أحمر وعيناه حمراوان ورجلاه كذلك ـ أبطل فعله لوقته ، ورآه الإنسان من غير ضرر ، وهذا الحجر كثير الوجود بأرض تبت (بضم التاء). وزعموا أنّ أهلها يرونه (٣) فلا يضرهم كثير ضرر ، والغريب الطاريء على بلدهم كلما تقع عينه عليه يندفع في الضحك الدائم. فالفعل الأول وهو الضحك عند رؤيته لمناسبة وميل في هذه الخاصيّة ، والثاني وهو عدم الضحك عند وقوع ذلك الطائر عليه بسبب عارض.
ومن نوادر الحكايات أن المتوكّل لما قبض على بختيشوع (٤) أصابوا له فيما أصابوا من أعلاق الجواهر ونفائس الطرائف حجرا في درج مختوم بختمه ، فدعوا غلامه فسألوه عن الحجر فقال : لا أخبركم أو يضمن لي أمير المؤمنين أن ينفذني إلى ملك الروم ، فليس لي بعد مولاي حاجة في العراق ، فحلف له المتوكل بأيمان مغلّظة أنه يبذرقه (٥) إلى ما هناك ، فقال : هذا حجر
__________________
(١) المرقشيشا (دخيلة سريانية) فسروه بالحجر الصلد ، وهو أصناف منها الذهبي والفضي والنحاسي (معجم متن اللغة مادة م ر ق).
(٢) في حياة الحيوان ٢ / ٢٢٢ : الفرفر (كهدهد) : من الطيور المائية صغير الجثة على قدر الحمام ، وهذا لا ينطبق على ما ذكره المؤلف.
(٣) في ع (يرونهم) ، وفي ك (يرونها).
(٤) هو بختيشوع بن جبريل طبيب معروف : توفي سنة ٢٥٦ ه (عيون الأنبياء / ٢٠١).
(٥) البذرقة (بالذال المعجمة أو الدال المهملة) : الخفارة ، والمبذرق (بكسر الراء) الخفير.