بالجير (١) والفوفل إلى سبع ورقات كلّ مرة معها ربع درهم من كلّ من المذكورين ، وقد يربّى فيعظم نفعه جدا ، ويزيد في العقل ، وينشّط ويذهب الكسل. والإكثار منه يثقل الرأس ، ويصدع المحرور ، ويصلحه السكنجبين ، وشربته إلى مثقال. انتهى بنصّه.
قلت : ولا يستعمله أهل الهند وغيرهم إلّا بشيء من الكلس المبلول.
قال المسعودي : إذا مضغ هذا الورق بالنورة المبلولة مع الفوفل شدّ اللثّة وقوى عمود الأسنان ، وطيّب النكهة ، وشهّى الطعام ، وبعث على الباه ، وحمّر الأسنان كأحمر ما يكون من حبّ الرمان ، وأحدث في النفس طربا وأريحيّة ، وقوّى البدن وثارت من النكهة روائح طيبة. والهند تستقبح ـ خواصّها وعوامها ـ من أسنانه بيض ، وتجتنب من لا يمضغ ما وصفنا. انتهى.
ومنها : قصب السكّر وهو بالهند نوعان ، أبيض وأسود ، فالأبيض ألطف وأكثر ماء وأطول عقدا ، والأسود أصدق حلاوة. وكلاهما كقصب الذرة إلّا أنّه أغلظ وأطول غالبا ، وليس له حبّ وإنما يغرس قضبا. وظنّ بعض كبار الأطباء المتقدمين أنّ السكر رطوبات كالمنّ سقط على هذا القصب فيجمع ويطبخ ، والحال أنه عصارة القصب.
قال في التذكرة (٢) : وأجوده المصري ، ثم الهندي الغليظ الغضّ الكثير الماء الصادق الحلاوة الطويل العقد. وهو حار في الأولى رطب في الثانية يهضّم ويفتّح السدد ، ويلطّف الدم ، وهو أشدّ ملاءمة من السكر.
وما أحلى قول الشيخ شهاب الدين ابن [أبي] حجلة (٣) :
أمسيت في قصب الجزيرة مغرما |
|
وبقدّة العسّال كالولهان |
عيدانه لولا حلاوة مائها |
|
شبّهته في الشّكل كالمرّان |
__________________
(١) الجير : الجص.
(٢) القول للشيخ داود الانطاكي.
(٣) هو أبو العباس شهاب الدين أحمد بن يحيى التلمساني المعروف بابن أبي حجلة (في الأصول ابن حجلة). توفي سنة ٧٧٦ ه (أنوار الربيع ١ / ٣٨٧).