والتالد ، فشيّعنا تشييع الأقارب ، إلى أن تبطّنا القارب ، فشكر الله سعيه وأدام بفضله رعيه.
أبو تمام (١) :
وما ابن آدم إلّا ذكر صالحة |
|
أو ذكر سيّئة يسري بها الكلم |
أما سمعت بدهر باد أمّته |
|
جاءت بأخبارها من بعدها أمم |
وكان خروجنا من المخا يوم السبت لثمان خلون من ذي القعدة الحرام سنة سبع وستين ، فكانت مدة إقامتنا بها أربعة عشر شهرا وستة أيام ، وعلى ذلك فما ألطف قول عمر بن أبي ربيعة (٢) :
بالله قولي له في غير معتبة |
|
ماذا أردت بطول المكث في اليمن (٣) |
إن كنت حاولت دنيا قد رضيت بها |
|
فما أصبت بترك الحجّ من ثمن |
أخبر خلاد بن يزيد الباهلي (٤) قال : ركب ابن جريج (٥) دين ـ سمّاه وكثّره ـ فأتى معن بن زائدة (٦) باليمن فوعده فطول عليه ، قال ابن جريج : إني لفي منزلي ودخل شهر الحج فذكرت بيتي عمر ـ بالله قولي له ، البيتين ـ قال : قلت : والله هو ذلك ، وأصبحت غاديا على معن فقلت : أستودع الله الأمير ، قال : وما ذاك؟ قلت : حضر الحج وطال مقامي ، قال : لا والله ولكن هذا حادث رأي. فلم يزل بي حتى أنشدته بيتي عمر ، فقال : لا جرم ، لا تمش حتى
__________________
(١) لا وجود للبيتين في ديوان أبي تمام ، وأوردهما ابن عبد ربه في العقد الفريد ١ / ٢٣٢ منسوبين إليه.
(٢) هو أبو الخطاب عمر بن أبي ربيعة المخزومي. توفي سنة ٩٣ ه (أنوار الربيع ٢ / ٩٣).
(٣) البيتان في الديوان وفي روايتهما اختلاف.
(٤) توفي خلاد بن يزيد سنة ٢٢٠ ه. في الأصول (بن زيد) والتصويب من ميزان الاعتدال ١ / ٦٥٧.
(٥) هو أبو خالد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الرومي فقيه حافظ. توفي سنة ١٥٠ ه (معجم المؤلفين ٦ / ١٨٣).
(٦) هو معن بن زائدة الشيباني أمير جواد قتله الخوارج سنة ١٥١ ه (الأعلام ٨ / ١٩٢).