أدّت رسالات الهوى بيننا |
|
عرفتها من بين أصحابي |
قال في الحلبة : والله إنّ الصاحب لمعذور ، فإنّ هذا مما يرنّح الجماد.
وقال ابن حجة في تقديمه (١) بعد أن مثّل بهما لنوع النوادر : وقد جارى أبا نواس في بديع هذا النوع ونادرة هذا المعنى محيي الدين الخياط (٢) ، ولولا الحياط (٣) لقلت إنّه أحرز قصبات السبق عليه حيث قال :
يا نسيم الصّبا الولوع بوجدي |
|
حبّذا أنت إن مررت بهند (٤) |
ولقد رابني شذاك فبالله |
|
متى عهده بأطلال نجد |
قال : بين (ولقد رابني شذاك) ، وبين (عرفتها من بين أصحابي) معرك ذوقيّ لا يدركه إلّا من صفت مرآة ذوقه في علم الأدب. انتهى.
وأما الجنوب فتقابل الشمال وهي من ناحية اليمن ، وهي حارة رطبة ، لأنّ هبوبها من ناحية خطّ الاستواء ، والحرّ هناك مفرط ، لأنّ الشمس تسامتها في السنة مرتين ، ولا تباعد عنها فتزداد بذلك حرّا ، وايضا هذه الجهة كثيرة البخار فتبخر الشمس منها أبخرة كثيرة رطبة ، فتكتسب الجنوب منها الرطوبة ، وهي ترخي الأبدان وتحدث ثقلا في الأسماع وغشاوة في الأبصار ، وتورث الكسل ومن العجب أنّ الجنوب إذا هبّت على المار الحار برّدته ، والشمال تتركه على حرارته كما كان.
قالوا : سبب ذلك أنّ عند هبوب الشمال تكمن الحرارة في داخل الماء
__________________
(١) سمّى ابن حجة الحموي شرحه لبديعيته التي احتواها كتابه خزانة الأدب (تقديم أبي بكر).
(٢) في خزانة ابن حجة / ٢٢٤ (بدر الدين) مرة ، و (مجير الدين) أخرى ، والبيتان اللذان سيذكرهما المؤلف من قصيدة لأبي عبد الله أحمد بن محمد المعروف بابن الخياط الدمشقي المتوفى سنة ٥١٧ ه وموجودة في ديوانه. تراجع ترجمته ومصادرها في أنوار الربيع ٤ / ١٢٧ ومقدمة ديوانه لخليل مردم.
(٣) في ع (الحياء) مكان (الحياط) ، والحياط : التحفّظ.
(٤) في الديوان (مررت بنجد) وتأتي قافية البيت الثاني (بأطلال هند).