الرسالة فقال : ليس مرضه بصحيح ، وإنما هو متمارض مخافة الملك الناصر فإن انتصرت عليه اعتذر إليّ بزيادة المرض ، وإن انتصر عليّ كانت له اليد البيضاء عنده إذ لم يجتمع بي ، فلو كان للملك الناصر قوة يدفعني لم يمكني من دخول بلاده ، وقد بلغني أنه بعث حريمه وحريم أمرائه وكبراء رعيته إلى مصر ، ولو نزل صاحبكم إليّ رعيت له ذلك ، ثم أمر برد القاضي وحده ، فعاد وأخبر الملك السعيد بصورة الحال ، وعرفه أنه رأى عند هولاكو عز الدين ، وركن الدين ملوك الروم ، فتألم وندم على إرسال ولده وبعث رسلا إلى البرية إلى الملك الناصر يستحثه على الحركة إلى حلب ، ويعرفه أنه متى وصل إليها رحل إليه برجاله وماله ، وسير الأمير عز الدين يوسف السماع رسولا في الظاهر إلى هولاكو بهدية ، وإلى ولده وإلى ولدي غياث الدين صاحب الروم باطنا يحرض ولده على الهروب ، وينكر على ولدي صاحب الروم في مجيئهما ، فأوسعا الحيلة في الانفصال عنه والحذر منه ، وقال عز الدين : والله ما خرجت البلاد عن أيدينا إلّا بتخاذل بعضنا عن بعض ، فلو كانت الكلمة مجتمعة لم يجر علينا ما جرى ...
أبو بكر بن الملك الأشرف أبي الفتح محمد بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي رحمهالله ، مولده بمصر في النصف الآخر من شهر رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة ، سمع بحلب من ابن طبرزد ، وابن حنبل ، ودخل بغداد ، وسمع بها من أصحاب أبي الوقت السجزي وحدث بدمشق وغيرها ، وكانت وفاته في الثاني والعشرين من ذي الحجة بالياروقية بحلب ، رحمهالله.
السنة الثامنة والخمسون والستمائة
أولها يوم الخميس ، فيها كثر الإرجاف بوصول التتار إلى البلاد ، فجفل الناس من بين أيديهم إلى الديار المصرية ، والجبال والأماكن المتوعرة ، وفي منتصف صفر ورد الخبر إلى دمشق باستيلاء التتار على