واستخدموا لها رجال يحفظونها من كل نوع ، كما جرت به عادة القلاع ، ولما كان يوم الاثنين ثامن عشرين رجب وصل إلى دمشق الأمير سيف الدين طوغان ، وصحبته رسل صاحب سيس ، ومعهم الحمل والهدايا والتحف ، ومن جهة الطباخي نائب السلطنة بحلب أستاذ داره يخبر بتسلمهم حصن بهسنا وبلادها ، فتوجهوا إلى مصر إلى عند السلطان من دمشق مستهل شعبان.
وفيها حصل للركب الشامي مشقة عظيمة بمعان ، في العشر الأخير من المحرم رياح عظيمة ، وبرد ومطر ، وهلك الناس ، وتطايرت العمائم ، وحملت الريح بعض الجمال الواقفة ، واشتغل كل امرىء بنفسه ، وهلكت الأمتعة والثياب ، وحصل لهم مشقة عظيمة ، وحصل في دمشق أيضا مطر وثلج ، وبرد عظيم ، وكذلك في سائر بلاد الشام بحيث بيع بدمشق رطل الفحم بدرهم واللحم بأربعة دراهم ، وهلك جماعة كثيرة بالغور ، وكذلك من البقر ، والغنم ، والجواميس شيئا كثيرا ، وأخبرت جماعة كثيرة قدموا من مصر إلى دمشق أنه وقع أيضا بديار مصر أمطار كثيرة على خلاف العادة ، وخربت منه أماكن كثيرة ، لأن أسطحتهم ليس هي مطينة ، ولا مستعدين للمطر مثل بلاد الشام.
وفيها في شهر رجب وصل كتاب من نائب بعلبك ، يخبر فيه أن وقع بمدينة بعلبك أمطار وثلوج ، وأن المطر كان كأنه مجبول بطين كثير ، إلى غاية ، وحتى أن الماء وصل إلى شراريف السور ، ثم أنه انحدر بعد ذلك ، وأخذ في طريقه كروم كثيرة جدا ، اقتلعها بشرورشها ، وساق معه صخر وطم أكثر الطرقات وأنهم أحصوا جملة ما خرب وأتلف من بلاد بعلبك فكان قيمته فوق مائة وخمسين ألف دينار.
وفيها في يوم الثلاثاء تاسع عشرين المحرم حكم قاضي القضاة حسام الدين الحسن الزواوي الحنفي بدار العدل للأغياكيين بأن الدباغة وقف على ولدي الإمامين علي بن أبي طالب وجعفر عليهماالسلام ، ولم يوافق