وبعد سفر السلطان من دمشق استعفى الصاحب محيي الدين ابن النحاس ، وطلب الإقالة من مباشرة نظر الدواوين بالشام ، فأعفى من ذلك ، ورتب في نظر الخزانة بدمشق عوضا عن ابن النحاس ، وتولى أمين الدين سالم بن صصرى في نظر الخاص ، وهي الأملاك التي كان قد احتاط عليها ناصر الدين ابن المقدسي ، وغيرها ، مع وكالة الخاص ، وأفردوه عن تاج الدين ابن الشيرازي.
وفي يوم الأربعاء ثالث عشرين ذي القعدة أفرج عن الأمير حسام الدين لاجين بالديار المصرية ، وأعطي خبز مائة فارس ، والسبب في ذلك أن السلطان الملك الأشرف عاقب الأمير شمس الدين سنقر الأشقر وركن الدين صقصو فاعترفوا أنهم كانوا يريدون قتله وأن لاجين لم يكن معهم ، ولا كان له اطلاع على الباطن فخنقهم وأفرج عن لاجين بعد ما كان قد وضع الوتر في حلقه ، فعند ذلك ضمنه خشداشيته ، الأمير بدر الدين بيدرا ، والأمير علم الدين الشجاعي ، وغيرها ، وأخرجوا الأمراء المخنقين فسلموهم إلى أهاليهم وكان معهما : جرمق ، وسعدان ، والهاروني ، وغيرهم ، ثم غرقوا جماعة أخرى رحمهمالله ، وقيل إنما كان ذلك في مستهل المحرم سنة اثنتين وتسعين وستمائة ، كان هلاك سنقر الأشقر ، والأمراء المذكورين.
وفيها في ذي الحجة وصل إلى دمشق جماعة من التتر مقفزين من ناحية الرحبة فوق ثلاثمائة فارس ، وصلوا إلى دمشق ، وتوجهوا منها إلى الديار المصرية ، فأخبروا بوفاة أرغون ، ووفاة الملك المظفر صاحب ماردين ، واستقرار ولده عوضه على قاعدته بماردين.
وفي ليلة الخميس رابع عشر ربيع الأول كان عرس الصدر جمال الدين ابن الصدر شرف الدين ابن القلانسي على بنت القاضي أمين الدين ابن صصرى ، وفي صبيحة هذا اليوم عقد الشيخ برهان الدين ابن الشيخ تاج الدين نفع الله به على بنت قاضي القضاة شهاب الدين الخوئي بالمدرسة الباذرائية ، وكان عقدا حفلا حضره أكابر الناس والعلماء.