عوضا عن الأمير علم الدين سنجر الشجاعي ، ودخل الأمير علم الدين سنجر الشجاعي وعسكر الشام إلى دمشق يوم السبت سابع شوال ، وهو منفصلا عن النيابة معزولا ، وطلع إلى لقائه الشيخ عز الدين الفاروثي فسلم عليه ، وقال قد عزلنا من الخطابة فقال له الشجاعي ونحن من النيابة ، فقال الشيخ عز الدين : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ)(١) الآية. فبلغ ذلك ابن السلعوس فزاده غيظا وحنقا عليه ، وكان قد عين له مدرسة الأمير ناصر الدين القيمري عوضا عن الخطابة ، فأهمل الكلام وسافر ولم يقض شغله وشغلته الخزانة والزردخاناه وسفروا الأسارى من دمشق يوم الاثنين تاسع شوال ، وكان قد سافر الضعفاء من عسكر المصريين في العشرين من شهر رمضان ، وسافر السلطان الملك الأشرف من دمشق قاصدا الديار المصرية ليلة الثلاثاء عاشر شوال ، وكان قد رسم لأهل الأسواق بدمشق وظاهرها أن كل صاحب حانوت يأخذ بيده شمعة ، ويخرج إلى ظاهر البلد ، وعند ركوب السلطان يشعلها ، وخرج أهل كل سوق مع عريفهم ، وبات أكثر أهل البلد ظاهر دمشق لأجل الوقيد والفرجة ، وهذا شيء لم يعمل لملك قبله مثله ، فلما كان الثلث الأخير من الليل ركب السلطان ، وأشعلت الناس الشموع ، فكان أول الشمع من باب النصر ، وآخر الوقيد عند مسجد القدم ، لأن والي مدينة دمشق قد رتبهم من أول الليل ناس بعد ناس ولم يسمع مثلها لأحد من الملوك غيره ، ودخل القاهرة يوم الأربعاء ثاني ذي القعدة من باب النصر ، وشق البلد ، وخرج من باب زويلة وصعد إلى القلعة ، وكان يوما مشهودا ، احتفل لدخوله أهل مصر والقاهرة احتفالا عظيما ، وأعطى عند وصوله للأمير شمس الدين قرا سنقر إقطاعا مائة فارس بمصر.
وفيها في العشر الأخير من ربيع صقعت أكثر الصحراء بدمشق ،
__________________
(١) سورة الأعراف ـ الآية : ١٢٩.