مع السلطان في ذلك اليوم أنه ربما بقي في دون المائة فارس من المسلمين ، وهو ثابت لا يتحرك ، وأخبرني أن المائة فارس من المسلمين كانت تحمل على الألف من التتار فتأخذهم وتطردهم ، وأن المصاف كان من الثالثة من اليوم المذكور إلى قريب الغروب.
وأخبرني غير واحد أن العرب أخذوا في ذلك اليوم فوق الثلاثين ألف فرس وأنهم فعلوا في مقاتلة العدو ما لم يسمع مثله ، وتواترت الأخبار بأن الذي قتل منهم فوق الأربعين ألف ، وكان دخول المنصور دمشق يوم الجمعة ثاني عشر رجب من السنة المذكورة ، تلقاه أهل البلد بالشموع.
ولما توجه إلى حصار عكا في ذي القعدة فما نزل عن فرسه بالدهليز المنصوب له بمسجد التبر إلا وهو محموم ، فبقي أياما ثم مات ، فنقل إلى قلعة الجبل ، وجعل في قاعة تعرف بقاعة الفضة ، وحلف الناس لولده الأشرف.
قال الشرف القدسي : فلما مهد من الشؤون ما احتاج إلى التمهيد ظهر حينئذ أنه مات مطعونا ، والمبطون شهيد فمن تأوه أظهر تحرقه ، وكانت مدة ملكه على المشهور تقدير إحدى عشرة سنة وشهور ، وذلك أنه ملك في رجب سنة ثمان وسبعين واستمر له من الله خير ناصر ومعين ...
محمد بن كشتغدي بن عبد الله شمس الدين بن الأمير علاء الدين القشيري ، كان حج ثم شرب الخمر ، وحضر إلى بعلبك ، ثم توجه إلى دمشق واستصحب معه من الزبداني حمل خمر ، فرأى في النوم شخصين يقولان : كذبت ، فقال : أتوب ، فقال أحدهما : تب وإلا ضربتك بهذه الحربة ، فقال : تبت توبة نصوحا ، فقال له غلامه : توبتك أن تبدد الخمر عندك ، فقال : نعم ، فلما أفاق من النوم وجد في نفسه تغيرا ، فقال لأصحابه : ما أنا طيب النفس ، فمرض أياما يسيرة ومات رحمهالله تعالى ...