وغيرهم ، ولما أفضت السلطنة إلى الملك الأشرف رحمهالله ، بعد موت والده كان استبقاه أياما إلى أن رتب أموره ودبر أحواله واستقل في السلطنة ، ورسخ قدمه فيها ، فأمسكه وكان في نفسه منه ، فبسط عليه العذاب إلى أن مات شهيدا رحمهالله تعالى.
وحكي أنه صبر صبرا لم يعهد مثله بحيث عصر إلى أن هلك ، لم يسمع منه كلمة كما جرت العادة لمن يبتلى بمثل هذا ، وكان بينه وبين الأمير علم الدين سنجر الشجاعي من العداوة ، والمنافسة على الرتبة على هو مشهور ، فقيل إن الملك الأشرف سلمه إلى الشجاعي أن يعذبه ، فتنوع في عذابه إلى أن مات رحمهالله تعالى وحمل إلى زاوية الشيخ عمر المسعودي فغسلوه وكفنوه ودفنوه ظاهر الزاوية ، وحكى لي نفر من أهل الزاوية المذكورة ما معناه أنه لما حملوه إليهم كان له رائحة منكرة لا يستطيع أحد الدنو منه إلا بمشقة ، وأنهم لما غسلوه وجدوه قد تهرأ وتزايلت أعضاؤه ، وأن جوفه كان مشقوقا فرحمهالله وعفا عنه ، فلقد كان معدوم النظير ولو لا شحه وبذاءة لسانه لكان أوحد أهل زمانه ، وخلف أموالا جمة قيل أنه خلف من العين المصري ألف ألف دينار وستمائة ألف ألف دينار ، ومن الحوائص الذهب والكلوتات المزركشة والأواني الذهبية والفضية والأسلحة ، والأقمشة والمتاجر ، والخيول المسومة والجمال والبغال والمماليك ، والجواري والجواهر والأملاك ما لا يحصى.
قال الشيخ تاج الدين الفزاري : حدثني تاج الدين ابن الشيرازي المحتسب أنهم وجدوا في خزانة طرنطاي ألف ألف دينار ، وأربعمائة ألف دينار ، وألفي حياصة ذهب ، وألف وسبعمائة كلوتة مزركشة ، ومن الدراهم ما لا يحصى ، فاستولى الملك الأشرف على مجموع ذلك وفرقه وأذهبه في أيسر مدة إسرافا وتبذيرا ، وأفضى الحال بأولاده ومن بقي من حرمه إلى أنهم بقوا لا قوت لهم إلا ما يسيره لهم بعض الناس على سبيل البر والصلة ، إن في ذلك لعبرة. وتوفي إلى رحمة الله تعالى ولم يبلغ الخمسين سنة من العمر والله أعلم.