بالنجوم ، وتقرطف بالغيوم ، وسما فرعه إلى السماء ورسا أصله في النجوم ، تخال الشمس إذا علت أنها تنتقل في أبراجه ، ويظن من سها إلى السها أنه ذبالة في سراجه ، فكم ذي جيوش قد أمات بعضه ، وذي سطوات أعمل الحيل على رؤيته ، فلم يفز من نظره على البعيد بغرضه ، لا يعلوه من الطير سوى نسر الفلك ومرزمه ، ولا يرمق متبرجات أبراجه غير عين شمسه ، والمقل التي تطرق من أنجمه ، وقد نصبت عليه من المجانيق ما سهامه أقتل من سهام الجفون ، وخطراته أسرع من لحظات العيون ، لا يخاطب إلا بواسطة رسله الصم الصلاب ، ولا يرى لسان سهمه إلا كما يرى خطفات البرق إذا تألق في علو السحاب ، فنزلت عليه الجيوش المنصورة نزول القضاء ، وصدمته بهممها التي تستعير فيها الصوارم سرعة المضاء وروعة الانتضاء ، فنظرت منه حصنا قد رد عليه الجو جيب عمامه ، وافتر بعزة ، كلما حذر عليه البرق ، فاضل لثامه ، فذللت صعابه ، وسهلت عقابه ، وركزت الخبويات في سفحه ، وطالما رامت الطير أدناه ، فلم يقومها القوادم ، وكم همت العواصف أن تبتسم رباه ، فأصبحت محلقة تبكي عليها الغمائم ، فعاد مصفحا بصفاحها ، مشرفا بما علا من أسنة رماحها ، وأرسلت إلى أرجائها ما أربى على الغمائم ، وزاد في لفحه على السمائم ، وكان بها مثل الجنوب فأصبحت ، ومن حيث القتلى عليها تمائم ، ونصبت أمامه المجانيق المنصورة ، فلم ترع حق حبسها ، وسطت على نظرائها ، فأصبح غدها في التحامل أبعد من أمسها ، واستنهضها العدى ، وأعلمتهم أنها لا تطيق الدفاع عن غيرها ، بعد أن عجزت عن نفسها ، وبسطت أكفها أمارة على الإذعان ، ورفعت أصابعها ، إما إجابة إلى بذل التشهد ، وإما إنابة إلى طلب الأمان ، فخوفوا من ظهور هذا الاستظهار ، وعلموا أن المجانيق المنصورة فحول لا تثبت لها الإناث التي عريت من النفع بأيديهم ، واستعانوا عليهن مع العرى بطول الحذار ، فعند ذلك غدت تكمن كمون الأساود ، ووثبت وثبات الأسود ، وتبارى بها الحصن السماء ،