وفيها توفي الملك أحمد بن هولاكو ملك التتار ، وسنذكره ـ إن شاء الله تعالى.
وفي عاشر شوال توفي الملك المنصور ناصر الدين محمد صاحب حماة والمعرة ، وسنذكره ـ إن شاء الله تعالى ـ ولما اتصلت وفاته بالأمير حسام الدين لاجين نائب السلطنة بالشام ، طالع بذلك الملك المنصور سيف الدين قلاوون ـ رحمهالله ـ واستمطر صدقاته في إقرار ولده الملك المظفر محمود عوضه ، فورد عليه الجواب بذلك ، فكتب إلى الملك المظفر المذكور كتابا بخط المولى شهاب الدين محمود من إنشائه ، مضمونه :
«أعز الله أنصار المقام العالي الملكي المظفري التقوي ، وأطلع شمس ملكه مشرقة الأنوار ، وألبس الدنيا من شعار سلطانه حلل الافتخار ، وقلد الممالك من تقاليده ما يود ذهب الأصيل لورقه على صفحات النهار ، وحلى أعطاف الملك من نعوته الشريفة بما هو أحسن من انتظام عقود الكواكب على هالة الأقمار ، وشرف به التشاريف التي هو في لبسها كالحرم لا تكسى الأستار إلا ليشرف الأستار ، وهنأه من حسن النظر الشريف بما بلغ به أول رتبة لا تطاول إليها زهر الكواكب إلا وهي شاخصة الأبصار ، حتى يستقر الملك في مقامه المحمود ، وينتظم عقد السلطنة لديه بين ذوائب الألوية وعصائب البنود ، ويشرق من لألاء ملكه ما تضيء الآفاق بنوره ، ويشق بحد سطواته نحور الأعداء حتى يعجب السفاح ورث الملك من منصوره ، المملوك يقبل الأرض تقبيل تخلص تضاعف لديه النعم ، ووجب عليه أن يستعين على الشكر بكل لسان ناطق حتى لسان القلم ، وتعبد ولي نذر الرجاء لديه واكتمل ، ونال بإقبال ملك مولانا كل ما يؤمله ، فأصبح يصحب الدنيا بلا أمل ، وينهي أنه سطرها ، ووفود التهاني تزدحم على قلمه ، وعقود البشائر تتحدر من بين كلمه ، وسماء الممالك قد أشرقت بالسعد كواكبها ، وحدقت لتحدق ببدر ملكه مواكبها ، وقلائد الجوزاء قد ترصعت لديه