بدار رضوان بقلعة دمشق ، واهتم بأمرهم غاية الاهتمام ، وتلقاهم سيف الدين كبك أمير حاجب بجماعة من العسكر إلى حلب فتوجهوا إلى الديار المصرية ليلة الخميس رابع عشرين منه ، ومعهم سيف الدين كبك المذكور ، وكانت طريقهم على القدس والخليل لقصد الزيارة ، ومسيرهم في الليل دون النهار في جميع بلاد المسلمين في المجيء والعود ، وهم بهاء الدين أتابك الروم ، وشمس الدين بن شرف الدين التبتي وزير صاحب ماردين ، وقطب الدين قاضي شيراز ، وكانت لديه فضيلة تامة في الهيئة وعلوم الأوائل من المعقولات.
وفي ليلة الجمعة حادي عشره دخل الأمير حسام الدين لاجين نائب السلطنة بالشام على زوجته ابنة الأمير ركن الدين بيبرس الناصري المعروف بطقصو ، حملت إليه من الديار المصرية ، وكان دخولها عليه بدار السعادة ، وعمل عرس عظيم حضره نائب السلطنة المذكور ، وسائر الأمراء ، والجند ، وكثير من العوام ، وأحضر فيه المطربون ، وعند الفراغ منه أحضر الأمراء ومقدمو الحلقة تقادم جليلة من الخيول والثياب ، الأطلس ، والنسيج ، والعتابي وغير ذلك في البقج ، والمماليك لابسين عدد الحرب على الخيول المثمنة وغير ذلك ، واستمر عرض التقادم من بعد السماط إلى الظهر ، ولم يقبل من ذلك إلا اليسير ، وبعد الفراغ من عرضها ، ركب إلى دار السعادة.
وفي يوم الأربعاء ثاني عشرين شعبان طافوا بالكسوة الشريفة التي عملت برسم الكعبة ـ عظمها الله تعالى ـ بمصر والقاهرة على العادة.
وفي ليلة الأحد عاشر رمضان المعظم احترقت اللبادين بدمشق الشمالية بكمالها ، وجسر الكتبيين بأسره ، وأكثر اللبادين القبلية العلو والسفل من ذلك جميعه ، والفوارة والسوق الذي يليها للقماش المعروف بسوق عسا الله ، وسقاية جيرون ، ووصلت النار إلى الربع الملاصق لحمام الصحن من قبليه ، فاحترق بعضه إلى باب درب العجم بوسط جيرون ،