المنصور صاحبها ، وجوسقه ، وما به من الأبنية ، وعسكر المسلمين بظاهر حمص على حاله ، فلما كان يوم الخميس رابع عشره التقى الجمعان عند طلوع الشمس ، وكان عدد التتار على ما قيل مائة ألف فارس أو يزيدون ، وعسكر المسلمين على مقدار النصف من ذلك أو أقل ، وتواقعوا من ضحوة النهار إلى آخره ، وكانت وقعة عظيمة لم يشهد مثلها في هذه الأزمان ، ولا من سنين كثيرة ، وكان الملتقى ما بين مشهد خالد بن الوليد رضياللهعنه إلى الرستن والعاصي ، واضطربت ميمنة المسلمين ، وحمل التتار على ميسرة المسلمين ، فكسروها وانهزم من بها ، وكذلك جناح القلب الأيسر ، وثبت الملك المنصور سيف الدين قلاوون في جمع قليل بالقلب ثباتا عظيما ، ووصل جماعة كثيرة من التتر خلف المنكسرين من المسلمين إلى بحيرة حمص ، وأحدق جماعة من التتر بحمص ، وهي مغلقة الأبواب ، وبذلوا نفوسهم وسيوفهم في من وجدوه من العوام ، والسوقة ، والغلمان ، والرجالة المجاهدين ظاهرها ، فقتلوا منهم جماعة كثيرة ، وأشرف الإسلام على خطة صعبة ، ثم إن أعيان الأمراء ومشاهيرهم وشجعانهم ، مثل شمس الدين سنقر الأشقر ، وبدر الدين بيسري ، وعلم الدين الدويداري ، وعلاء الدين طيبرس الوزيري ، وبدر الدين أمير سلاح ، وسيف الدين أيتمش السعدي ، وحسام الدين لاجين المنصوري ، والأمير حسام الدين طرنطاي وأمثالهم لما رأوا ثبات السلطان ردوا على التتار وحملوا فيهم عدة حملات فكسروهم كسرة عظيمة ، وجرح منكوتمر مقدمهم ، وجاءهم شرف الدين عيسى بن مهنا في عربه عرضا ، فتمت هزيمتهم ، وقتلوا مقتلة عظيمة تجاوز الوصف ، واتفق أن ميسرة المسلمين انكسرت كما ذكرنا والميمنة ساقت على العدو ، ولم يبق مع السلطان إلا النفر اليسير ، والأمير حسام الدين طرنطاي قدامه بالسنجقية ، فعادت الميمنة ، الذين كسروا الميسرة في خلق عظيم ، ومروا به وهو في ذلك النفر اليسير تحت السناجق ، والكوسات تضرب ، ولقد مررت به في ذلك الوقت ،