وفي أواخر هذا الشهر أعيد الصاحب برهان الدين السنجاري إلى الوزارة بالديار المصرية على عادته الأولى ، ورجع فخر الدين إبراهيم بن لقمان إلى ديوان الإنشاء على عادته.
وفي العشر الأوسط من شهر رجب وصلت العساكر المصرية والشامية من حلب ، والبلاد الشمالية من تطلب التتر والسير في آثارهم ، وتوجه الجيش المصري إلى خدمة الملك المنصور بغزة ، وأقام عسكر الشام بدمشق ، وفي حدود منتصف الشهر وصل الملك المنصور غزة ، وكان بلغه رجوع العدو وهو بالرمل فأقام بها ، وتوقف عن الوصول إلى دمشق لعدم الحاجة إلى ذلك وقصد تخفيف الوطأة عن بلاد الشام.
وفي يوم الخميس عاشر شعبان رحل الملك المنصور عن غزة راجعا إلى الديار المصرية.
وفي أواخر شهر رمضان المعظم أعيد القاضي تقي الدين محمد بن رزين الشافعي إلى القضاء بالديار المصرية ، وصرف القاضي صدر الدين عمر ابن بنت الأعز عن ذلك ، وكان قبل ذلك قد أعيد القاضي نفيس الدين ابن شكر المالكي ، ومعز الدين الحنفي ، ورتب معهما حاكم حنبلي وهو عز الدين المقدسي ، فاستمر البلد مع القاضي تقي الدين كل منهم يباشر الحكم استقلالا على مذهبه.
وفي شهر ذي القعدة كانت طائفة من عسكر الشام نازلين بمرج المرقب الحصن المعروف مضايقين لمن فيه ، وداخلهم طمع فيه ، فركبوا من الليل وصبحوا المرقب صباحا للغارة إليه ، فأحس الفرنج المقيمون به بهم ، وكان قد وصلتهم نجدة في البحر المالح ، فخرجوا بأجمعهم ، وكروا على عسكر المسلمين فانهزموا بين أيديهم في أودية وعرة لا خبرة لهم بها ، فنالوا منهم منالا عظيما ، وأسروا خلقا كثيرا ، وغنموا غنائم عظيمة ، وعندما انبرم الصلح بين الملك المنصور وبين الفرنج في شهر المحرم سنة ثمانين وست