وحصن عكار ، وجبلة ، واللاذقية ، والشغر ، وبكاس وشيزر. وكان يوم المصاف قد انهزم الأمير عز الدين أزدمر إلى جبل الجرديين ، وأقام عندهم هذه المدة كلها تحصن بهم وحموه ، فلما بلغه وصول سنقر الأشقر إلى القلاع المذكورة وصل إليه بجماعة من الجبليين ، وأقام بقلعة شيزر يحفظها ، ولما بلغ العسكر دخولهم القلاع ، واعتصامهم بها ، نازلوا شيزر مضايقة لبقية العسكر المنازلين لشيزر مصممين على حصرها ، وترددت الرسل بينهم وبين شمس الدين سنقر الأشقر في تسليمها ، فبيناهم في ذلك ، وردت الأخبار في أوائل جمادى الآخرة أن التتار ـ خذلهم الله تعالى ـ قد قصدوا بلاد الشام ، فخرج من كان بدمشق من العسكر المصري والشامي ، ومقدمهم الأمير ركن الدين أباجي ، ولحق بقية العساكر التي على شيزر وكانوا قد تأخروا عنها ، ونزلوا بظاهر حماة ، ووصل من الديار المصرية عسكر مقدمه الأمير بدر الدين بكتاش النجمي فلحق بهم ، واجتمع الجميع على حماة وأرسلوا كشافة إلى بلاد التتر في العشر الأوسط منه ، ووصل إلى دمشق وبعلبك خلق عظيم من الجفال من حلب وبلادها ، وحماة وحمص والبلاد الشمالية جافلين من التتر ، ولم يتخلف في تلك البلاد إلا من عجز عن السفر ، وأخليت حلب من العساكر التي لها والتجؤوا إلى حماة ، وعزم كثير من أهل دمشق والبلاد الشامية أن يتوجهوا إلى الديار المصرية ، واضطرب الناس بذلك اضطرابا شديدا ، وكان سبب حركة التتر لما بلغهم من اختلاف الكلمة ، وظنوا أن سنقر الأشقر ومن معه يتفقون معهم وأن يكونوا جميعا على العسكر المصري ، فأرسل أمراء العسكر المصري إلى سنقر الأشقر يقولون : هذا العدو قد دهمنا ، وما سببه إلا الخلف بيننا ، وما ينبغي أن نهلك الإسلام في الوسط ، والمصلحة أننا نجتمع على دفعه ، فنزل عسكر شمس الدين سنقر الأشقر من صهيون ، والحاج أزدمر من شيزر ، وخيمت كل طائفة تحت قلعتها ، ولم يجتمعوا بالمصريين ، واتفقوا على اجتماع الكلمة ودفع العدو عن الشام.