بحصرها ، لعجزت عن الحصر ، وهو أن العلم الكريم قد أحاط بالصورة التي استقرت من دخول الناس في طاعة المملوك ، واجتماع الكلمة عليه ، واستقلاله بأمر السلطنة المعظمة.
ولما كان يوم السبت الثالث من شعبان المبارك سنة ثمان وسبعين وستمائة ركب المملوك بشعار السلطنة وأبهة المملكة ، وسلك المجالس العالية والأمراء الأكابر ، والمقدمون ، والمفاردة والعساكر المنصورة من آداب الخدمة ، وإخلاص النية ، وحسن الطاعة كل ما دل على انتظام الأمر واتساق عقد النصر ، ولما قضينا من أمر الركوب وطرا وأنجزنا من الأولياء وعدا من السعادة منتظرا ، عدنا إلى قلعة الجبل المحروسة والأيدي بالأدعية الصالحة لنا مرتفعة ، والقلوب على محبة أيامنا مجتمعة ، والآمال قد توسعت بالعدل واستمراره ، والأبصار قد استشرقت من التأييد مطلع أنواره ، وشرعنا من الآن في أسباب الجهاد ، وأخذنا في كل ما يؤذن إن شاء الله تعالى بفتح ما في أيدي العدو من البلاد ، ولم يبق إلا أن نثني الأعنة ونسدد الأسنة ، ونظهر ما في النفوس من مضمرات المقاصد المسكنة ، والمولى ـ أدام الله نصرته ـ يأخذ بحظه من هذه المسرة ، وهذه المواهب التي ظهرت منها خفايا الإقبال المستسرة ، ويتقدم بأن يزين دمشق المحروسة ، ويضرب البشائر في البلاد. وأن يسمعها كل حاضر وباد ، والله يجعل أوقاته التهاني مفتتحة ، وبشكر مساعيه التي ما زالت في كل موقف ممتدحة ، إن شاء الله تعالى».
وفي السادس والعشرين من شهر رمضان عزل الصاحب برهان الدين السنجاري عن الوزارة بالديار المصرية ، ولزم مدرسة أخيه قاضي القضاة بدر الدين بالقرافة الصغرى ، ورتب مكانه في الوزارة الصاحب فخر الدين إبراهيم بن لقمان صاحب ديوان الإنشاء الشريف.
وفي يوم الخميس حادي عشر ذي القعدة توفي بالكرك الملك السعيد ـ رحمهالله ـ وسنذكره إن شاء الله تعالى.