زاوية ، وفي جميعها فقراء ، وعليهم الأوقاف ، وصرفه في المملكة يحكم ولا يحكم عليه ، ولا يخالف أمره في جليل ولا حقير ، ويتقي جانبه الخاص والعام حتى الأمير بدر الدين الخزندار ، والصاحب بهاء الدين ومن دونهما ، وملوك الأطراف ، وملوك الفرنج وغيرهم ، ولقد هدم بدمشق كنيسة اليهود العظمى ، وبنى بها المحاريب ، وكذلك هدم بالقدس كنيسة النصارى تعرف بالمصلبة جليلة عندهم ، وقتل قسيسها بيده ، وعملها زاوية ، وهدم بالاسكندرية كنيسة الروم ، وكانت كرسيا من كراسيهم ، ويعتقدون فيها البركة ، ويزعمون أن رأس يحيى بن زكريا عليهالسلام فيها ، وهو عندهم يحيى المعمداني وصيرها مسجدا ، وسماها المدرسة الخضراء ، وكان واسع الصدر يعطي ويفرق الدراهم والذهب ، ويعمل الأطعمة في قدور مفرطة الكبر ، يحمل القدرة الواحدة جماعة من العتالين ، وكانت أحواله عجيبة لا تكيف وهي غير متناسبة ولا منتظمة ، الأحوال فيها مختلفة ، فمن الناس من يثبت صلاحه ، ومنهم من يرميه بالعظائم ، والتوسط في معناه أنسب ، ـ رحمهالله.
سليمان بن علي بن حسن بن محمد بن حسن ، معين الدين البرواناة.
قد تقدم لمع من أخباره في هذا الكتاب ، فأغنت عن الإعادة ، كان والده مهذب الدين علي بن محمد الكاري ، أصله من كار من عراق العجم ، قد حفظ القرآن العزيز وأتقنه ، واشتغل بالعربية ، فلما استولى التتر على عراق العجم خرج منها ، وقصد الروم ، فرتب مقرئا ببعض الترب ، فطلب معين الدين مستوفي الروم في أيام السلطان علاء الدين من يعلم أولاده ، فتوسط له شخص كان يعرفه ، فاتصل بخدمته ، وكان يحضر مجلسه في بعض الأوقات ، فرآه معين الدين بارعا في علم العربية ، فقال له : لو تعلمت الحساب لكان أنفع لك في المكانة والرزق ، فاشتغل بالحساب على معين الدين المستوفي ، فلما رأى أنه قد برع فيه ، وكان معين الدين يطلب الإقالة في كل وقت من السلطان علاء الدين فلا يجيبه ،