وأتقن بناءها وشيدها ، وأنشأ بالميدان الأخضر شمالي حلب مسطبة كبيرة مرخمة ، وأنشأ دارا لخبز القلعة ، وبني في أيامه ما لم يبن في أيام الخلفاء المصريين ، ولا الملوك من بني أيوب وغيرهم ، من الأبنية ، والرباع ، وغيرها والخانات ، والقواسير ، والدور ، والأساطبل ، والمساجد ، والحمامات ، وحياض السبيل من قريب مسجد التبر إلى أسوار القاهرة إلى الخليج وأرض الطبالة ، واتصلت العمائر إلى باب المقسم إلى اللوق إلى البورجي ، ومن الشارع إلى الكبش ، وحوض قميحة إلى تحت القلعة ومشهد الست نفيسة ـ رحمة الله عليها ـ إلى السور القراقوشي.
ذكر ما كان ينوب دولته من الكلف المصرية خاصة :
كانت عدة العساكر بالديار المصرية في الأيام الكاملية والصالحية عشرة آلاف فارس فضاعفها أربعة أضعاف ، وكان أولئك مقتصدين في الملبوس والنفقات والعدد ، وهو كان بالضد من ذلك ، وكانت كلف من يلوذ بهم من إقطاعه ، وهؤلاء كلفهم على الملك الظاهر ، وكذلك تضاعفت الكلف ، فإنه كان يصرف في كلف المطبخ الصالحي النجمي ألف رطل لحم بالمصري كل يوم ، والمصروف في مطبخ الملك الظاهر عشرة آلاف رطل في كل يوم عنها وعن توابلها عشرون ألف درهم نقرة ، ويصرف في خزانة الكسوة في كل يوم عشرون ألف درهم ، ويصرف في الكلف الطارئة المتعلقة بالرسل والوفود في كل يوم عشرون ألف درهم ، ويصرف في ثمن قرط دوابه ، ودواب من يلوذ به في كل سنة ثماني مائة ألف درهم ، ويقوم بكلف الخيل والبغال والجمال والحمير من العلوفات خمس عشر ألف عليقة في اليوم منها ست مائة أردب ، وما كان يقوم به لمن أوجب عليه نفقته وألزمها عليه بطنجير ، وتحمل إلى المخابز المعدة لعمل الجرايات خلا ما يصرف على أرباب الرواتب في كل شهر عشرون ألف أردبا ، وذلك بمصر خاصة ، وذلك الحال في العلوفات وكلف الرسل والوفود والاستعمالات في الخزائن ، والذخائر