فلما كان يوم الجمعة سابع عشر الشهر ركب لصلاة الجمعة ، فدخل قيصرية ، ونزل دار السلطنة ، وجلس على التخت ، وحضر بين يديه القضاة والفقهاء والصوفية والقراء ، وجلسوا في مراتبهم على عادة ملوك السلجوقية ، فأقبل عليهم ومد لهم سماطا فأكلوا وانصرفوا ، ثم حضر الجمعة بالجامع ، وخطب له ، وحضر بين يديه الدراهم التي ضربت باسمه ، وحمل إليه ما كان لزوجة البرواناة كرجي خاتون تركية ، من الأموال التي لم تستطع استصحابها حين خروجها ، وما خلفه سواها ممن نزح معها ، وبعث إليه البرواناة ليهنئه بالجلوس على التخت ، فكتب إليه يأمره بالوفود عليه ليوليه مكانه ، فكتب إليه يسأله أن ينتظره خمسة عشر يوما ، وكان مراده أن يصل إلى أبغا ويحثه المسير ليدرك الملك الظاهر بالبلاد ، فاجتمع تتارون بالأمير شمس الدين سنقر الأشقر ، وعرفه مكر البرواناة في ذلك ، فكان ذلك سببا لرحيل الملك الظاهر عن قيصرية ، مع ما انضاف إلى ذلك من قلة العساكر ، فرحل يوم الاثنين ، وكان يومئذ على اليزك علاء الدين أيبك الشيخي وكان قد ضربه الملك الظاهر بسبب سبقه الناس ، فتسحب يومئذ إلى التتر وكان أولاد قرمان قد رهنوا أخاهم الصغير علي بك بقيصرية ، فخرج إلى الملك الظاهر فأنعم عليه وسأله تواقيع وسناجق له ولإخوته ، فأعطاه فتوجه نحو إخوته وكانوا مقيمين بجبل لارندا إلى أرمناك إلى السواحل ، ونزل الملك الظاهر بقيرلو ، فورد عليه رسول من جهة البرواناة ، ومعه رجل يسمى ظهير الدين الترجمان يستوقف السلطان عن الحركة ، وما كانوا يعلمون أين يريد ، وكان الخبر شائعا أن الحركة إلى سيواس. فكان جواب السلطان عن الرسالة أن معين الدين وما كانت تأتيني كتبهم شرطوا شروطا لم يفوا بها ، وقد عرفت الروم وطرقه ، وما كان جلوسنا على التخت رغبة فيه إلا لنعلمكم أنه لا عائق لنا عن شيء نريده بحول الله وقوته ، ويكفينا أخذنا أمه وابنه وابن ابنته ، ثم رحل ونزل خان كيقباذ ، وبعث الأمير علاء الدين طيبرس الوزيري في عسكر إلى الرمانة فحرقها