الأجناد كانوا تخلفوا عن العرض بحمص ، وشفع في جماعة أخرى تخلفوا فحبسوا في خزانة البنود ، وأمر بمن كان يحضر معه في الشراب من الخدام فقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف ، وسملت أعينهم ، وكانوا أربعة عشر نفرا فمنهم من مات ، ومنهم من سلم.
وفي يوم الخميس ثاني عشر ذي الحجة عقد نكاح الملك السعيد ناصر الدين محمد بركة بن الملك الظاهر على ابنة الأمير سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي بالإيوان في القلعة ، على صداق خمسة آلاف دينار المعجل منها ألف دينار معاملة ، وتوكل في قبول النكاح عن الملك السعيد الأمير بدر الدين الخزندار ، وتوكل عن الأمير سيف الدين قلاوون في العقد الأمير شمس الدين الفارقاني ، وجرى العقد بحضور الملك الظاهر ، والوزراء والقضاة وأعيان الشهود والأمراء ، وأعيان الأجناد ، وكتب الصداق محيي الدين عبد الله بن عبد الظاهر ، وقرأه في المجلس فخلع عليه وأعطي مائة دينار.
مضمون الصداق وصورته
الحمد لله موفق الأملاك لأسعد حركة ، ومصدق الفأل لمن جعل عنده أعظم بركة ، ومحقق الاقبال لمن أصبح نسيبه سلطانه ، وصهره ملكه ، الذي جعل للأولياء من لدنه (سُلْطاناً نَصِيراً)(١) ، وميز أقدارهم باصطفاء تأهيله حتى حازوا (نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً)(٢) وأقر فخارهم بتقريبه حتى أفاد شمس آمالهم ضياء ، وزاد قمرها نورا ، وسر به وصلتهم حتى أصبح فضل الله عليهم بهاء عظيما وأفضاله كثيرا ، فهي أسباب التوفيق الآجلة والعاجلة ، وجاعل ربوع كل إملاك من الأملاك بالشموس البدور والأهلة آهلة ، جامع أطراف الفخار لذوي الإيثار ، حتى حصلت لهم النعمة الشاملة ، وحلت عندهم البركة الكاملة.
__________________
(١) سورة الإسراء ـ الآية : ٨٠.
(٢) سورة الانسان ـ الآية : ٢٠.