أبوك مات أو قتل ، وكان قصده أن يأخذ به من قتله ، فقال : مات؟ وردد القول عليه مرارا ، وهو لا يغير الجواب الأول ، وكان قد تقدمهم خواجا علي ، فاجتمع بهم عند أبغا ، فتوسط لهم تقونوين في عوده إلى الوزارة ، ولولديه تاج الدين ، ونصير الدين في أن يرد عليهما أقطاعا على أن يبذل في كل سنة ألفي بالش وسبع مائة فرس يستظهر بها على ما كان يحمل إليه من بلاد الروم ، فأجاب إلى ذلك ، وخلع عليه وعلى ولديه وعادوا ، فلما جلسوا بسيواس بلغهم أن آجاي ضرب نواب البرواناة ، وضياء الدين ابن الخطير ، واستأصل أموالهم ، وتعرض لمن سواهم من الأعيان ، وعسفهم فكتبوا إلى أبغا بذلك فبعث إليه يطلبه.
ذكر ما دبر البرواناة في إخراج آجاي على ما كاتب به البرواناة
اتفقا على أكل مال الروم ، وانهما يشنآن بي ليخرجاني ويستبدان بها ، فكتب إليه : من هو البرواناة حتى نسمع كلامه فيك ، أمره إليك إن شئت أن تقتله وإن شئت أن تبقيه ، وكان البرواناة لما بلغه أن آجاي بعث رسولا في أمره جعل عليه عينا عن عوده بالجواب ، فلما قدم الرسول أخذ إلى دار البرواناة وأنزل وأكرم وحمل إليه الخمر وأعطى بعض غلمانه دراهم ، وأمره ان يسرق الكتاب ، ويحمله إليه ليقف عليه ويعيده إليه ففعل ذلك ، فلما وقف على الكتاب سارع في تجهيز هدية سنية بعث بها إلى آجاي ولاطفه بأعذار قبلها منه ، ثم إن البرواناة أخذ خطوط وجوه أهل الروم بأن آجاي قد عزم على قتله وقتل تقونوين ، وتسليم البلاد لصاحب مصر ، فعاد الجواب باستدعاء آجاي وتقونوين والبرواناة ، ومرحسيا القسيس ، والأمير سيف الدين طغان البكربكي ، فخاف البرواناة من استصحاب سيف الدين فأقطعه أرزنكان ، وولاه كفالة السلطان غياث الدين ، ثم خرج فيمن بقي معه واستصحب معه كل من كان آجاي ظلمه ، وعسفه ، ليستصرخوا عليه عند أبغا ، فوصلوا في ربيع الأول ، فلما مثلوا بين يديه وسمع شكوى المتظلمين أمر آجاي