أنه يطلبها من هولاكو ويبذل له ما يرضيه ، وشاع ذلك عنه ببعلبك ، فشق على أهلها وعظم لديهم ، فحصل بحمد الله ومنته من كسرة التتار في آخر الشهر المذكور ما أمنهم من ذلك ، ثم لما ملك الملك المنصور سيف الدين قلاوون ـ رحمهالله ـ طرابلس وفتحها في سنة ثمان وثمانين وست مائة نبش الناس عظام بيمند المذكور من الكنيسة وألقوها في الطرقات وطرابلس في الحقيقة عند الفرنج إنما هي لامرأة من أولاد صنجيل الذي افتتحها أولا ، وأخذها من بني عمار ، وهي في الجزائر في قلعة لها هناك ، واستنابت هي أو جدها جد هذا ، فاستولى لبعدها عنه ، وكان من شياطين الفرنج ودهاتهم وتداولها أولاده من بعده ، وكان ابن صنجيل خرج من قلاعها لأمر أوجب ذلك ، وركب البحر ، فتوقفت عليه الريح ونفذ زاده ، وكاد يهلك هو ومن معه وقرب طرابلس فسير إلى صاحبها إذ ذاك ، وسأله ان يأذن له في النزول في أرضه والاقامة في البر بمقدار ما يستريح ويتزود فأذن له ، فنزل بمكان الحصن المعروف به الآن وهو حيث بنيت طرابلس الجديدة ، وباع واشترى فنزل إليه أهل جيه بشري ، وسائر تلك النواحي ، وجميعهم نصارى ، وأطمعوه في البلد ، وعرفوه ضعف صاحبه وعجزه عن دفعه ، فأقام وبنى الحصن المعروف به ، وتكثر بأهل بلاد طرابلس ، واتفق اشتغال ملوك الشام ونواب الدولة المصرية به فغنم وتم مراده ، وصابر طرابلس مدة زمانية فتوجه ابن عمار إلى السلطان [محمد بن] ملك شاه السلجوقي يستنجد منه ، فلم يحصل له مقصود فأخذت منه طرابلس ، وانتقل بأمواله وذخائره إلى عرقة ، واستفحل أمر الفرنج بالساحل ، فلم يمكنه مجاورتهم فانتقل إلى حصن الخوابي ، وكان له فأخذ عرقة متملك طرابلس والله أعلم ...
السنة الرابعة والسبعون وستمائة
دخلت هذه السنة والخليفة والملوك على القاعدة في السنة الخالية ، والملك الظاهر بدمشق.