فلما نزل على بلاده كان عنده فارس الدين أقوش المسعودي رسولا من جهة الملك الظاهر ، فخرج إليه وأمره بالرحيل وقال له : هذا قد صار من أصحاب السلطان الملك الظاهر ، ولا سبيل لك عليه ، فرحل ولم يزل عند بركة إلى أن مات ، وانتقل الملك إلى ابن أخيه منكوتمر ، فأقام عنده إلى أن توفي في هذه السنة ، وخلف من الأولاد ثلاثة ذكورا ، وهم : الملك المسعود ، مقيم في سوداق في خدمة منكوتمر ، والآخران عند بالعوش ملك الأشكري في اسطنبول في كتاب الروم ، لا يعرفان الاسلام ، وكانت وفاة السلطان عز الدين بسوداق من بلاد الترك ، ومولده سنة ست وثلاثين وست مائة ـ رحمهالله تعالى.
لاجين بن عبد الله الأمير حسام الدين الأيدمري الدوادار المعروف بالدرفيل ، كان مفرط الذكاء ، كثير المعرفة والخبرة بالأمور ، محبا للعلماء والفقراء ، حسن الظن بهم ، يقبل عليهم ويقضي حوائجهم ، ويبالغ في إكرامهم وتعظيمهم ، وعنده مشاركة وإلمام بالفضيلة ، ويكتب خطا جيدا حسنا ، وله همة عالية ، وصدر واسع ، وتجمل تام ، وكان الملك الظاهر يحبه ويؤثره كثيرا ويعتمد عليه ويثق به ، وحرمته وافرة وأوامره عند سائر ولاة الأطراف ونواب السلطنة ممتثلة ، وهو محبوب إلى الخاص والعام ، وأمر المكاتبات وجميع ما يتعلق بذلك معزوق به ، وبالأمير سيف الدين بلبان الرومي ، لكنه كان أكثر تنفيذا للأشغال من الرومي ، ولم يزل على ذلك إلى أن تمرض في هذه السنة ، وتوفي إلى رحمة الله تعالى في رابع عشر شهر رمضان منها ببستان الخشاب ظاهر القاهرة ، ودفن من يومه بسفح المقطم ـ رحمهالله تعالى ـ سمع من أبي القاسم عبد الرحمن بن مكي السبط ، وجماعة غيره ، وتوفي وهو في عشر الأربعين رحمهالله تعالى.
السنة الثالثة والسبعون وست مائة
دخلت هذه السنة والخليفة والملوك على القاعدة المستقرة ، والملك الظاهر بالديار المصرية.