يكون له عسكر في البلاد مقيما يستعين به على قتال أجاي وصمغرا ، ومن معهما من التتر ، فوافى القاصد الملك الظاهر بمصر قد عاد من دمشق ، فبلغه الرسالة فقال : إذا حلفنا له على ما أراد ، وسيرنا عسكرا يقيم عنده ، فلا بد للعسكر من شيء فيعين لي بلادا أرصدها لذلك ، أو يستخرج من الأوقاف والصدقات والأملاك التي له ، فإذا كسرت التتر أفرجت عن ذلك وفي العام القابل نحن عنده إن شاء الله ، فلما عاد القاصد وجد أبغا قد استدعى أجاي وصمغرا وحالة البرواناة قد صلحت فتلكأ في إجابة الملك الظاهر إلى ملتمسه ونكل عنه ...
وفيها توفي :
أقطاي بن عبد الله الأمير فارس الدين الأتابك المعروف بالمستعرب الصالحي النجمي ، كان مملوكا لنجم الدين محمد بن يمن ، ثم انتقل إلى ملكية الملك الصالح نجم الدين أيوب ـ رحمهالله ـ وأمّره ، ثم ترقى بعد وفاته إلى أن عد من الأعيان الأمراء أكابرهم ، ثم لما تملك الملك المظفر سيف الدين قطز ـ رحمهالله ـ رفع من شأنه ، وجعله أتابك العساكر وعلق أمور المملكة جميعها به ، فكان مدار الدولة بأسرها عليه وهو المتحكم فيها لا يضاهيه أحد ولا يعارضه فيما يفعل ، ثم لما قتل الملك المظفر ـ رحمهالله ـ على الصورة المشهورة تشوف إلى السلطنة أكابر الأمراء ، فقدم الأمير فارس الدين الملك الظاهر ركن الدين وسلطنه ، وحلف له في الوقت فلم يسع بقية الأمراء إلا الموافقة ، فتم أمره ورأى له ذلك واستمر على حاله عنده في علو المنزلة ، ونفاذ الأمر ، وكثرة الاقطاع والرواتب ، وبقي على ذلك مدة سنتين ، لكن كان الملك الظاهر يختار الراحة منه في الباطن ولا يسعه ذلك لافتقاره إليه ولعدم وجود من يقوم مقامه ، فإنه كان من رجال الدهر ، حزما ، وعزما ، ورأيا ، وتدبيرا ، وخبرة ومعرفة ورئاسة ومهابة ، فلما نشأ الملك الظاهر الأمير بدر الدين بيليك الخزندار ـ رحمهالله ـ أمره بملازمته ، والاقتباس منه ، والتخلق