الظاهر الرسل ، وركبهم معه في الميدان مرارا ، ثم عين الأمير فخر الدين إياز المقري ، والأمير مبارز الدين الطوري رسولين إلى أبغا ، وبعث معهما جوشنا له ، ولصمغرا قوسا ، فسارا مع رسل صمغرا ، فلما وصلا قونية حضرا جامعها يوم الجمعة فسمعا الرعية يبتهلون بالدعاء للملك الظاهر ، فأديا الرسالة إلى صمغرا ومضمونها شكره.
ثم أخذهما البرواناة وسار بهما إلى أبغا ، فلما اجتمعا به قال لهما : ما الذي جئتما فيه؟ فقالا : إن صمغرا بعث إلى السلطان وأخبره أنك أحببت أن يأتي إليك من جهته رسول ، فأرسلنا نقول لك : إن أردت أن أكون مطاوعا لك فرد ما في يدك من بلاد المسلمين ، فقال : هذا لا يمكن ، وأقرب ما في هذا أن يبقى كل واحد منا على ما في يده فحصلت بينهما مفاوضات أغلظ لهما فيها ، وانفصلا عنه من غير اتفاق فوصلا دمشق في خامس عشر صفر سنة احدى وسبعين.
وفي ذي القعدة وصل إلى دمشق رسل من بيت بركة من عند منكوتمر بن طغان بن سرتق بن باتو في البحر ، وكانوا لما خرجوا من بلاد الأشكري صادفهم مركب من البيسانيين (١) فأخذهم ودخلوا بهم عكا فقبح عليهم من بها ما فعلوه ، ثم جهزوهم إلى دمشق ولم يرد البيسانيون ما أخذوا لهم ، وكان معهم هدية ، فلما اجتمعوا بالملك الظاهر عرفوه ما كان معهم ، فبعث إلى الاسكندرية ومنع من فيها من التجار البيسانيين من السفر ، حتى يعوضوا ما أخذ أصحابهم ، وكان مضمون رسالتهم أنهم أحضروا كتابا للملك الظاهر بجميع ما كان في أيدي المسلمين من البلاد التي استولى عليها هولاكو ، وطلبوا منه أن ينجدهم ويعينهم على استئصال شأفته.
وفي ذي الحجة توجه الملك الظاهر من دمشق إلى حصن الأكراد لنقل
__________________
(١) ـ أي البيازنة.